قصة رعب قصيرة بعنوان ... (صديقة زوجتي)
زوجتي يتيمة، مات والداها وتركاها في عهدة
جدها وهي طفلة صغيرة، وحيدة ... زوجها لي جدها الطيب قبل أن يلحق بباقي أفراد
عائلته، شئ محزن لها ولكنه رائع بالنسبة لي!.. فقد صرت أنا عائلة زوجتي كلها وصديقها
الوحيد، فتربيتها الخاصة جعلتها أيضا غير قادرة على اكتساب صداقات، وهكذا زاد
تعلقها بي وحبها لي، وصرت أنا مطلق العنان في تعاملي معها، بلا حماة تضايقني أو حما
يحاسبني أو أخوة ينازعوني فيها، وهكذا بدأت أتحول تدريجيا إلى (سيد) وهي تتحول إلى
(أمينة) في علاقة غير متكافئة لطبيعة احتياجها لي وضرورة وجودي في حياتها.
حتى كان ذلك اليوم، عندما قابلتني
زوجتي لدى الباب عند عودتي من العمل وهمست
في أذني بأن صديقتها في الداخل ... قلت بحيرة:
-
عن أي صديقة تتحدثين!
-
صديقتي السيدة (رمق) تعرفت عليها مؤخرا، تعال سلم عليها.
دخلت إلى غرفة المعيشة وأنا أنفخ صدري وأرسم على وجهي ملامح زعيم
المنزل الأوحد، حتى رأيتها! كانت أمرأة في العقد الخامس من العمر ترتدي ثياب (كلاسيكية)
وتضع أوقيتين من مساحيق التجميل على وجهها، وتصفف شعرها القصير والمصبوغ باللون
الباذنجاني على الجانبين بتلك الطريقة المسماة (كاريه) ... قامت من مقعدها بطريقة
واثقة وتقدمت ناحيتي وسلمت علي بيمينها بقوة كالرجال وهي تصوب نظرات جريئة نحو
عيني ... لا أعرف لماذا تزعزعت ثقتي بنفسي في لحظة واحدة؟، ووجدت نفسي أتحدث بصوت
ضعيف متخاذل وأنا أقدم لها نفسي، قبل أن أدعوها لتناول طعام الغذاء معنا، قاطعتني
زوجتي متنحنة:
-
لا يوجد غذاء اليوم، آسفة، كنت مشغولة!
التفت إلى زوجتي وحدجتها بنظرة لائمة،
وأنا أقول بصوت غاضب:
-
كيف هذا؟
قالت صديقة زوجتي السيدة (رمق) بلهجة
قوية، مقاطعة غضبي:
-
ليس هناك ضرورة لآن تتناول طعام الغذاء اليوم، هل هناك
مشكلة في ذلك؟
كانت توجه إلى نفس النظرات، حاولت أن
أقاوم وأرد عليها بكلمات قوية وأطالبها بعدم التدخل بيني وبين زوجتي، ولكنني عجزت،
وخرج صوتي ضعيفا خافتا وأنا أجيب:
-
لا ... ليس هناك أي مشكلة، سأدخل لأنام قليلا.
هربت إلى غرفتي بسرعة، وأنا أشعر
بالحيرة من تلك المرأة المسيطرة ذات التأثير الساحق، وكيف أصبحت صديقة لزوجتي
الوديعة وفارق السن بينهما الذي يجاوز العشرين عاما، سآمر زوجتي بأن تقطع علاقتها
بتلك المرأة!.. لم يكن الموضوع صعبا فقد وافقت زوجتي ببساطة على طلبي عندما ألقيته
عليها في المساء ... كان اليوم التالي هو عطلتي الأسبوعية، تأخرت في النوم كعادتي،
وعند الظهيرة أيقظتني زوجتي بتربيتات رقيقة على ظهري، وهي تقول:
-
مدام (رمق) في الخارج تريد أن تتحدث إليك.
قلت وأنا أتثاءب:
-
من هذه؟
-
إنها صديقتي التي قابلتها بالأمس.
انتفضت من نومي جالسا كمن لدغته أفعى،
وأنا أقول بصوت حاد:
-
ألم أطلب منك مقاطعة تلك اللعينة؟
-
نعم، ولكنها تصر على مقابلتك.
كدت أنفجر في وجهها، ولكنني تماسكت فما
ذنب المسكينة، بالتأكيد صديقتها السمجة تلح عليها وهي كعادتها وبشخصيتها الضعيفة
لم تستطع أن ترد طلبها ... قررت أن أشحذ عزيمتي وأخرج لمواجهة تلك المرأة، ماذا
كان اسمها؟.. (رمق) ... ماذا يعني هذا الاسم؟ هل هو (الرمق) بمعناه المتعارف عليه؟
أم هو اسم فارسي آخر أو تركي أو هندوزي!، لا أهتم، سأكون قويا، حاسما، عنيفا معها،
سأكون واضحا وأنا أعلمها بأنها غير مرحب بها في بيتي، وأن هذا اليوم هو (الرمق)
الأخير في علاقتها بزوجتي.
ارتديت ثيابي على عجل وأنا أواصل تحفيز
نفسي، توجهت إلى غرفة المعيشة وقبل أن أدخل رسمت ملامح غاضبة مصطنعة على وجهي، ثم دخلت،
فطالعتني بنفس النظرات النارية المسيطرة، وجدت ملامحي تلين وصوتي يتخاذل وهو يقول:
-
أهلا بك يا مدام (رمق).
قامت وواجهتني بلهجة غاضبة:
-
هل طلبت من زوجتك أن تقطع علاقتها بي؟
-
لا لم أفعل؟
-
حسنا، سأستعير زوجتك لنخرج قليلا.
-
تحت أمرك.
انقلبت على عقبي عائدا إلى غرفتي أجر
ذيل الخيبة، وقبل أن اختفي فيها، صاحت علي الملعونة بصوت عال:
-
اليوم أيضا لا يوجد غذاء ... تصرف.
تجاهلت التعليق الأخير وأنا أندس في
فراشي وأغطي رأسي بالوسادة، وطعم المرارة والحسرة على لساني، والأسئلة تتقافز داخل
عقلي، من هي تلك المرأة؟.. ومن أين لها تلك القدرة التي تسحق بها إرادتي في كل
مرة؟ ...
في الأيام التالية تغيرت حياتي تماما،
أصبحت تلك المرأة جزء منها، جزء لعين ... كانت دائما هناك، في المنزل عندما أعود
إليه، لا تغادره إلا قرب منتصف الليل، وكأنها لا تملك هدفا في الحياة إلا أن تعكر
صفو معيشتنا، كانت تتدخل دائما عندما اتناقش مع زوجتي في أي شئ فتأخذ جانب زوجتي
وتأمرني به، فأنصاع ... انسحقت إرادتي في بيتي وتبدلت الأدوار وصرت عجينة طائعة
بعد ان كنت الآمر الناهي فيه ... لا ألوم على زوجتي فهي كما عهدتها ولم تتغير
مشاعرها نحوي، وفي السويعات القليلة التي نكون فيها وحدنا، دون صحبة تلك المدعوة
(رمق) تشعرني زوجتي بنفس المشاعر التي كنت أشعر بها من قبل، مشاعر الرجل في بيته،
وتحاول إرضائي بكل السبل ... طلبت منها ألا تستقبل تلك الصديقة وأن تغلق الباب في
وجهها إذا جائت، فأطاعتني زوجتي المحبة، ولكن صديقتها تلك تربصت بي أمام باب
المنزل وأنا عائد إليه، ووجدت نفسي مضطرا مع نظراتها وأسلوبها المسيطر، أن أرحب
بها إلى منزلي صاغرا.
أنا لست خائنا بطبعي، ولكن ما حدث لي
في الفترة الأخيرة جعلني خائر العزم أمام زميلي في العمل ذلك الشيطان الذي نزغ لي
أن أخون زوجتي وزين لي تلك الفعلة، وأقنعني أن زميلة لنا معجبة بي وهي على استعداد
لآن تقابلني في مكان خاص بعيدا عن الأعين، بل واقترح على أن أقابلها في منزله ذلك
الوكر الذي أعده لذلك النوع من الملذات الشائنة ... وفي الموعد كنت قد عزمت على الذهاب
بعد منازعة طويلة بين ضميري ونفسي التواقة، فتجهزت وتطيبت وارتديت أفخر ثيابي، ولكن
قبل أن أغادر المنزل، فوجئت بصديقة زوجتي، السيدة (رمق)، تصيح على بإسمي من غرفة
المعيشة، فهرعت إليها، طلبت هي من زوجتي أن تتركنا وحدنا قليلا، فذهبت طائعة إلى
المطبخ، تحولت إلي مباشرة بكلمات نارية:
-
أنا أعرف إلى أين أنت ذاهب الآن؟
شعرت بالذعر، ولم أعرف بماذا أجيب؟،
فأردفت قائلة:
-
اتصل بصديقك الشيطان وقل له إنك لن تذهب إلى وكره الآن،
ولن تفعلها أبدا.
كانت تحدجني بنظرات كاللهب وهي تكمل
حديثها:
-
أنا أراقبك، أراقبك داخل المنزل وخارجه، وفي كل مكان وفي
كل وقت، لن أسمح لك بأن تجرح تلك المسكينة، هل تفهمني؟
أومأت برأسي بخضوع، واستدرت بخذلان عائدا
إلى غرفة نومي ... في تلك اللحظة فكرت في التخلص منها وأقنعت نفسي بذلك ... كانت
خطتي بسيطة، سأضع المنوم في الشراب وأدعوها هي وزوجتي إليه وعندما يغيبان عن
الوعي، سأخنقها بيدي هاتين ... اخترت اليوم المناسب وصنعت الشراب المنوم وحملته
على الصحيفة وتوجهت به إليها وأنا أرسم على وجهي أبشع ابتسامة ممكنة، ناولتها الكوب
وأنا أقول:
-
تفضلي بالهناء والشفاء!
أخذته مني ببساطة (اللعينة تلتقم الطعم)،
ناولت زوجتي كوبها أيضا، وأنا أدعوهما للشرب ولم أغادر حتى تأكدت أنهما قد شربا الكوب
حتى آخره، انتظرت في غرفتي عشرة دقائق ثم عدت إليهما، كان المنوم قوي التأثير وأنا
أيضا لم أبخل بالكمية المستخدمة، كانت زوجتي وصديقتها مستلقيتين على الأرض وقد
غابا تماما عن الوعي، حملت زوجتي ووضعتها على الأريكة، ثم جسوت على جسد تلك
اللعينة واعتصرت رقبتها بيدي، ففتحت عينيها ...
لا يمكن أن أصف مشاعري في تلك اللحظة،
صرخت بذعر وسقطت على ظهري، وعندما اعتدلت وجدتها تقف قائمة، ترمقني بنفس النظرات
الحارقة:
-
هل تريد قتلي؟
نظرت نحو الأرض بعجز وخجل، فأردفت:
-
لن تستطيع، لن يمكنك قتلي!
استجمعت كل شجاعتي، في جملة واحدة
قلتها بحدة:
-
ولماذا لا استطيع؟
-
لأن الإنسان لا يمكن أن يموت مرتين!
انتبهت إلى أنها بدأت ترتفع من على الأرض
حتى أصبحت قدماها على بعد عدة (سنتيمترات) من الملاط، ثم بدأت تحلق متجهة نحوي قبل
أن تحط على مسافة خطوة واحدة مني، كنت قد أصبت بشلل تام من المفاجأة سمعتها بصعوبة
وهي تقول:
-
عليك أن تقبل بوجودي، أنا لن أذهب حتى تحسن معاملة تلك
المسكينة...
لم اسمع ما قالته بعد ذلك فقد سقطت
مغشيا علي، عندما استيقظت وجدت نفسي في فراشي ... انتبهت إلى صوت زوجتي تتحدث إلى
صديقتها الشبحية في غرفة المعيشة، وانتبهت أيضا إلى صندوق من الورق المقوى موضوع على
طرف الفراش، دفعني الفضول لفتحه ... وجدت فيه بعض الأوراق، كلها أوراق لزوجتي
وشهاداتها في مراحلها العمرية المختلفة، هذه شهادة ميلادها، نعم هذا هو اسمها
وتاريخ ميلادها، وهذا هو اسم والدها، وهذا هو اسم والدتها (قمر)! .. لم انتبه في
السابق إلى اسم والدة زوجتي!.. هناك أيضا بعض الصور الضوئية القديمة الشائهة لطفلة
صغيرة، بالتأكيد هي لزوجتي، صورة لها مع جدها، وصورة لها مع أبيها وهو يحملها على
كتفيه، وصورة لها وهي تقف بين أمها وأبيها ... اللعنة!! ... صورة أمها! ... إنها
هي! ... حتى إنها ترتدي نفس الثياب وتضع نفس الزينة! .. انتبهت الآن إلى ذلك الشبه
بين زوجتي وصديقتها السيدة (رمق) رغم فارق السن بينهما ... (رمق) ... (قمر) ...
نفس الحروف ولكنها مقلوبة ... فزعت و سقطت الأوراق من بين يدي وقد انتبهت إلى
زوجتي تقف عند باب الغرفة وبجوارها صديقتها أو أقول شبح (أمها)، قالت الأخيرة:
-
سأستعير زوجتك قليلا، سنذهب في مشوار.
أومأت برأسي موافقا، فقالت بإبتسامة
واسعة:
-
لا يوجد طعام للغذاء ... تصرف!
.. (تمت) ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق