الأحد، 28 يناير 2018

ملحمة لـيٓريـا( الجزء الاخير)


ملحمة ليريا( الجزء الاخير) من القسم الاول من الرواية.

[ جيش الظلام]
يجلس اجالاس في قمة قصر اربو ينظر الي قرص الشمس الباهت اللون يري تلك السحب السوداء قادمة من اقصي الشمال من جبال ليموريا السوداء .
¬يبدو أن الثلوج ستهطل باكرا هذا العام .
¬يبدو ذلك يا سيدي
كانت الغربان تنعق بشكل مخيف قري ليموريا تخشي الغربان فهي نذير شؤم ايضا رجال ليموريا معظمهم يقاتل مع الملك الجو يزداد برودة و الشمس تختفي تماما وراء السحب السوداء .
في جبال ليموريا حشود تتقدم تزأر بوحشية حيوانات مسوخ و فرسان مدرعون بالحديد اطياف شبحية عمالقة و اقزام بشر ممن عملوا سابقا في مناجم ليموريا اعراق السيربيلاتون المندثرة انهم مئات الالاف منهم جيش كبير يتقدمه ذو الساق الخشبية (رايدون) بجانبه الامير سينتو و المدعو كالد بالطبع بعضهم يركب خيولا ماتت منذ دهور يحملون سيوفا و رماحا سوداء تلتهب اعينهم بلون احمر ملتهب يرددون جملة واحدة .
¬زايستيف العظيم لقد حل الظلام.
يري احد اطفال القرية الجيش يهرع الي اهل القرية محذرا ظنوه طفلا احمق قبل ان يروا بدايتهم تدخل القرية لقد كانوا بلا رحمة هاجموا كل شخص فيها مزقوا اجسادهم و حطموا اكواخهم ولكن في النهاية صار اهل القرية منهم نهضوا من الموت مرددين ذات العبارة .
في كاجات احد فرسان الحرس الشمالي يصل وقد أنهك جواده تماما ليطلب الاذن بمقابلة الامير علي عجل بالطبع لن يعيره احد ذاك الاهتمام ولكنه ظل مصرّا علي رأيه حتي قبل قائد من القادة سماعه .
¬ههههههه هل انت ثمل يا هذا ؟
¬اقسم لك يا سيدي انني رأيتهم ارجوك اريد مقابلة الامير.
لم يعره احد اي اهتمام و طرد من القصر كان يري راغنا العجوز عاصبا عينيه و يردد ذات الجملة اللتي يرددها ذاك الجيش المرعب …
راغنا عصاه السوداء حديثه عن الظلام عن الشر انه محق ولكنه ايضا منهم .
كان ذلك متأخرا لقد وصلوا كاجات بعد ان اجتاحوا مدن ليموريا الثلاث ،وسط ذهول الجندي انطلق راغنا نحوه كالوحش و طعنه بعصاه لتخترق جسده بدأ الجندي يصرخ بشدة الجميع يرقب المشهد في فزع تضيء عينا الجندي بلون احمر ليصيح بجملة غريبة قبل ان تصدر جلبة كبيرة من اتجاه المقابر انهم الاموات ينفضون تراب القبر ينهضون مجددا بينما يصل ذو الساق الخشبية الي المدينة بجيشه ، وصلت الاخبار للامير لكن متأخرة استل سيفه و صرخ في الجند يحثهم علي القتال و الدفاع عن كاجات لكن الرعب تملكهم ،طالما عائلاتنا داخل القلعة و نحن هنا لماذا نخرج لقتال الوحوش التي فتكت بمعظم من بالخارج البرد الظلام الخوف رياح باردة كئيبة و ثلوج تهطل بين الفينة و الاخري صراخ البشر بالخارج ازدياد مضطرد في اعداد الموتي الاحياء و أمير محاصر يراقب العدو من شرفة بالحصن .
سينتو أخي انني اجزم انه هو و ذلك الرجل ذو الساق الخشبية المرافق الدائم له .
تذكر اجيلاس سنوات طفولته و بداية شبابه اخاه الشاب سينتو ، كان سينتو يهوي المغامرة محاربا من طراز نادر كان كالد خادمه ولم يكن في الحقيقة سوي صديقه لم يعامله كخادم ابدا مما اغضب اباه الملك و لكن ذو الساق الخشبية مستشار أبيه في أول سنوات حكمه كان يقنع الملك بعدم جدوي ابعاد الصديق عن صديقه كان يدعي رايدون لا يعرف اجيلاس سبب خوفه كلما شاهد هذا الرجل و هاهو يظهر مجددا يظهر و معه المفقودون منذ دهور بل و موتي من عصور مختلفة يظهر و معه الظلام و البرد و الموت تفوح رائحة الدماء في ارض ليموريا كلها بينما يحصل أمر خارق في الجنوب الدافئ تحت أسوار أريناس عاصمة ليريا .
¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬¬
[ العائد ]
كانت الحشود تستعد للمعركة الفاصلة فالملك بنفسه سيقاتل وكل اهل اريناس ضد جيوش ليريا مجتمعة ، خيول تصهل و مقاتلون يقبضون علي مقابض سلاحهم جمال ليموريا و خيولها القصيرة تستعد بينما خيالة تانيراي يهتفون هتافهم المعتاد باسم ملكهم حصن الغبار يتصاعد من تحت اقدام الجنود اللذين يهتفون بالموت للعدو ، في لحظة واحدة لمعت في السماء صاعقة برق مجهولة نظر الجميع للاعلي شاهدوا زايستيف في السماء بعد ان أهملوا ذاك الانفجار و من ظهر من خلفه لقد عادوا بذاكرتهم الي الرعب القادم رغم محاولتهم تجاهله و استعدادهم للقتال لكن ٱبي العائد ان يعطيهم هذه الراحة قفز من أعلي متوهجا بشعاع اسود اللون ضباب أحمر يغطي الأفق و الشمس تلونت بنور باهت سرعان ما تحولت للون الازرق وسط هبوب الرياح الباردة علي الجيوش اسفل المدينة .
رادنا تراقب دون حراك بينما عشيقها الجهنمي يصل الارض في فسحة الارض التي تفصل الجيشين نظروا إليه جميعا في دهشة نصله الاسود يتدلي علي خصره و عيناه تبرق بلون احمر كالجمر .
حصن ما بك هل خفت هيا تعال و قاتلني اريناس مدينتي ولن يأخذها أحد دون قتال .
نظر حصن إليه دون أن ينطق أي كلمة بينما أخذت جيوش ليموريا تتحفز للهجوم لولا إيعاز جايان لهم بالتراجع .
ينظر حصن الي زايستيف عدو مجهول بنسبة إليه لكنه يعرف كل شيء علي ما يبدو لا يعلم كيف لكن هو مجرد رجل لن يخيفه أبدا و قبل أن يقرر أن يستل سيفه لمبارزته خرج من الحشد رجل عملاق يعرفه الجميع هتكار ملك أوراس الجديد .
¬لن يفسد ساحر تافه خطط ملوك ليريا هيا قاتلني .
هاجم هتكار القلب الاسود بسيفه النحاسي الضخم وجه ضربته الأولي الي العدو ولكنه تفاداها بخفة و عندما عاد ليضرب الثانية أمسك زايستيف النصل النحاسي بيده و كسره وسط رعب الجميع و بضربة واحدة من نصله الأسود شُقَّ هتكار الي نصفين .
هذا الهمجي جاء الي موته معه حق قائده جبان لنري قادة ليموريا لعلهم اشجع .
توجه نحو حشود ليموريا لكن لم يمهله جايان فلقد أمر بالهجوم لينطلق سيل عملاق من حشودهم وسط دهشة الجميع مما يحدث .
رجل واحد يقاتل حشودا لا تقدر بعدد و رغم هذا لا يتمكنون منه كان يتفادي سهامهم و ضرباتهم بسرعة عجيبة و يضرب اعناقهم بذات السرعة أسقط منهم المئات بل الالاف في ثواني قليلة كان شعاع اللهب الاسود المحيط به يحرق من يحاول ان يمسكه بينما جمدت نظراته البعض فظل متيبسا دون حراك حتي يقتل بسيفه الأسود .
ماتوب و جيسراس في طرف يافاو يتحدثان بأمر ما .
¬جيسراس رغم أنك وقفت الي جانب أبي الا انني اثق بك ستعود الي يافاو خذ معك عدد لا بأس به من جندنا حتي لا نخسر الجميع و هذا سيفي الافعي ستسلمه لسيدك الجديد .
¬ماذا تعني يا مولاي ؟
¬سام ملككم منذ اليوم لقد صدق والدي بكل خرافاته التي سمعتها منه و أنا طفل لن ينجو أحد هنا أؤكد لك هذا ارحل الآن هيا و أخبر سام بكل ما حصل .
لم يكن ملك يافاو وحده من شعر بالخطر اللورد ترافاغالو ايضا أحس بهذا الخطر و كتم في نفسه أمرا ، بينما نظر حصن الي ملك لير و سحرته نظرة مستجدية فكان رد ملكهم دي ترافان مخيبا هم لم يعرفوا مثل هذا العدو من قبل ، ملك ليموريا يقبض علي سيفه يهاجم هو الآخر لينقذ ملكه هيبته و خطته التي فشلت بسبب رجل واحد بعد أن كادت تنجح لقد أفشلها هذا الوحش .
كان يطعن يمينا و شمالا يبيد جيوش ليموريا حتي صار مواجها للملك نفسه وسط صرخات جايان المحذرة لأبيه بأن يتراجع ،لم ينتبه جايان لفرسان دارا اللذين إلتفوا حول الجيش الي البرج اللذي يحتجزون علي قمته أماياس ،كانت رادنا تراقب تحرير أحب إخوتها لقد فعلها دارا و استطاع الوصول الي البرج وبدأ رجاله يتسلقون البرج في تلك اللحظة انتبه جايان للامر قفز علي حصانه الاحمر و انطلق نحو دارا مباشرة .
¬هل تظن ان حليفكم الشيطان سيمنحكم النصر .
تقابل الخصمان وجها لوجه ليحدث بينهما نزال عنيف كان جايان مقاتلا قويا بحق لم يتوقع دارا هذا بل إنه صار يدافع عن نفسه أمام هذه القوة الكاسحة .
ضربة من نصل اسود تصيب جسده القصير ملك ليموريا ينزف الدماء يراه جنده فيصابون بالرعب إنه كأي بشري هنا دمائه حمراء قانية لا وجود للآلهة التي تحميه ولا وجود لأرواح أجداده التي تصد عنه الشرور يجثوا الكاهن انولير علي ركبتيه طالبا الرحمة من العدو بصوت مسموع ليتلقي ضربة سيف من احدهم ليتأكد من كونه من البشر العاديين لقد خدعوا هاهو الكاهن يموت و دمائه تسيل يتباكي بعض الجنود علي مصيرهم يسقط ملكهم صريعا بعد ان لفظ آخر أنفاسه و بعد أن مرغ أنفه في الوحل ،أصبح جند ليموريا يفرون بينما حزم اللورد ترافاغالو أمره .
¬سير دورمون لن نقاتل اعط الاوامر لواير لينسحب فورا سنفكر لاحقا كيف نسترضي نوميديا .
لكن وقبل ان يكمل اللورد كلماته شاهد الجميع أمرا مثيرا للرعب الموتي بدأوا في النهوض حتي ملك ليموريا اللذي قتل منذ قليل نهض من موته لكنهم ليسوا كما كانوا يحملون الحقد نظرات الموت الحمراء ملأت أعينهم التي تلونت باللون الدامي يحملون سيوفهم و يتجهون نحو جند نوميديا هذه المرة .
لحظات فقط و ساد الهرج و المرج في ساحة القتال الموتي اللذين يهاجمون كل حي من كلا الطرفين و الليموريون اللذين يقاتلون نوميديا و العائد من الجحيم زايستيف رجال هتكار الغاضبون لموت زعيمهم جميعهم يتقاتلون و اعداد الموتي تزداد ليصبح العدو الثالث اقوي في كل لحظة .
تراجع جايان عندما فهم اللعبة و ترك دارا يحرر اخاه بينما قتل معظم رجال هتكار و المتقاتلون الاخرون و اما يافاو انسحب معظمهم مع جيسراس كذلك فعل اللورد اللذي قرر الانسحاب غير ان ماتوب بقي مع قلة من جنده اما اللورد فقد فضل النجاة لشعبه و نفسه .
عرف حصن انه سيخسر حلفائه فقرر أن يجمع شتاتهم لير يور اسديور و ماتوب و من تبقي من يافاو و اوراس ابواق النفير ليجتمعوا حوله لقد اصبح الاموات و زايستيف في الوسط يلتف حولهم الليموريون و النوميديون و جيوش الجنوب لكن سحبا سوداء بدأت تغطي الافق ظهرت من خلف تلال الشمال المواجهة لجبل أردو حشود غفيرة في مقدمتهم رايدون ذو الساق الخشبية ومن معه ،تتصاعد الاتربة و الغبار من وراء تلك الحشود التي تتقدم نحو المعركة وسط رعب جيوش البشر من اهل ليريا شمس زرقاء سحب سوداء قاتمة و ضباب أحمر فارس أسود يلوح بسيفه و اعراق متعددة و اطياف و وحوش عمالقة و اموات كلهم اجتمعوا وهم يهتفون لقائدهم زايستيف سيد الظلام .
صرخة شقت السماء و السحب ليظهر في الافق طائر عملاق أبيض اللون .
حمدا للرب لقد ظهر الطائر المخلص اللذي سيوقف كل هؤلاء الاموات .
صرخ بها يوبا مستبشرا بظهور هذا المخلوق الاسطوري اللذي لطالما عرفوا انه قاهر الشر في ليريا .
معركة أريناس
في لحظة ظهور الطائر العملاق قفز الفارس الاسود علي جناح الطائر اللذي لمعت عيناه بذات اللون الدامي لعيون الأموات ضربة من جناحه علي الارض اثارت عاصفة ضخمة كان الاموات يستعدون متحفزين للهجوم بينما ذو الساق الخشبية يقترب من الطائر .
¬سيدي زايستيف لك الولاء و الطاعة ها هم ابنائك يعيدون عرشك و حقك .
¬اعلم يا رايدون لم يكن لي ان اثق في أحد غيرك يا رايدون .
نظر يوبا العجوز للاموات كانوا يستعدون لمهاجمة جيشه حاول ان يظهر بمظهر المقاتل لكنه يعرف جيدا أنه ضعيف صرخ في العدو
¬أولادي أيها الملاعين لن اسمح لكم بقتل أحد سننتصر .
بالطبع كان يكابر فهاهو جايان ابن ملك ليموريا يفر شريدا طريدا مع قلة ممن نجوا من الموت تاركا باقي جيشه للموت اما ذو الساق فقد هاجم جيشه حشود حصن اللذي كان يركز ناظره علي القادمين و يصرخ في جنده و حلفائه بأن يثبتوا لقتال هذا العدو ليصطدم الجيشان و تعلو الصيحات كان الاموات لا يموتون بسهولة هم اموات لا سبيل لقتلهم فقط شل حركتهم بقطع اطرافهم لكن امرا عرفوه بالصدفة النار لقد اشعل احدهم جسد ميت هاجمه فخمد الي الابد و لكن امرا اخر عرفه حصن سيفه الاسد كان يجندلهم بسهولة لا سيف غيره فعل هذا الامر الا من قطع رأس خصمه و هشمه تهشيم رؤوسهم حرقهم و سيف الاسد كانت تلك نقاط ضعف العدو .
رايدو يجب ان تحصل علي سيف السماء من ذاك الغر .
نظر زايستيف الي نوميديا الي حيث أماياس و بنظرة واحدة عرف ان سيف السماء ليس معه كان الطائر يحلق فوق أريناس ، استفاقت الاميرة رادنا من غيبوبتها الغريبة نظرت الي السماء فشاهدت ذاك الطائر الأبيض و عشيقها الغريب زايستيف فوقه ثم ركزت نظرها نحو الاسفل اماياس و دارا بخير بجانب السور الابيض و معهم فرسان الفرقة البيضاء لكن في وسط الحرب الملك والدها يوبا يخسر المعركة مع مقاتليه يجمح جواده في وسط القتال ليسقط مهشما جسده العجوز يزحف محاولا ان ينقذ نفسه لعله يقف مستندا لرمح او عصا لكن الاموات يتنازعون جثته تصرخ رادنا بحرقة فوالدها غادر هذه الدنيا بسببها ،ظل زايستيف يحلق فوقهم بينما كالد و سينتو يقابل روسان و ڤال قائدا اسديور لم يستغرق الامر طويلا حتي وقع اول حلفاء حصن صريعا يقتل الاثنان ليفر رجالهم من المعركة ينظر حصن الي الجانب الآخر يري ماتوب بسيف عادي يناجز الاموات بينما يحاول دي ترافان استحضار شيطان من الزمن القديم لعله يفلح في قتال زايستيف .
¬سيدي رمح النار هل سنبقي بعد اللذي رأيناه.
¬لن نقاتل سنخسر حياتنا بالتأكيد يا سيدي.
كان قتلة و قراصنة و لصوص يور يطالبون زعيمهم بالانسحاب لكنه يرفض ان يتخلي عن كلمته فيقرر اللصوص قطع رأسه وتهشيمه هم رغم عصيانهم له لا يرغبون بعودته كعدو و هكذا صاروا من ضمن الفارين .
رايدو ذو الساق الخشبية يطعن رماح برمح كرستالي حاد ليسقط صريعا ،صديق حصن المقرب يستيقظ كعدو له يري المخلب رماح متجها نحوه بسيفه مهاجما يصيبه الارباك لكن حصن يبعده .
¬لن اترك صديقي كخادم لهذا الشيطان .
وجه حصن ضربه لرأس رماح قسمته الي نصفين كانت كفيلة بأن يرقد في سلام .
شيطان (ساراكال) هو معبود اهل لير ظهر بفضل سحرة لير اسياد معبد النار الثلاثة عشر كان واحدا منهم سببا في سقوط تونال و قصر برودانتي في يد اللورد ترافاغالو لكن هاهم مجتمعون الان ليقهروا العدو الجديد .
ساراكال يا معبودنا خلصنا من هذا العدو .
نظر ساراكال الي زايستيف كان ساراكال وحشا عملاقا له ثلاثة رؤوس رأس كالافعي و رأس كالتنين و اخر كالوعل بينما جسده حرشفي ذو لون اسود يشتعل اسفل اسنانه نيران الجحيم بينما يقف شامخا في قوة نادرة ركع فجأة امام زايستيف و بصوته الرعب القادم من الجحيم .
¬سيد الظلام لك الولاء و الطاعة .
¬ساراكال احرق لير و كل جنودها و سحرتها و شعبها ثم ارحل الي الابد لن اطلب منك اي شيء الي الابد .
امرك يا سيد الظلام .
لم تكن الا لحظات قليلة حتي صارت النيران تتدفق كالحمم علي رؤوس الليريين يحترق دي ترافان و سحرته و جنوده بينما تحترق جزيرة لير هي الاخري شاهد ذلك من قبع في كهوف و جبال يور المقابلة لجزيرة لير لقد شاهدوا احراق الجزيرة و سمعوا صراخ اهلها .
لينصرف الشيطان ساراكال الي الابد الي العالم السفلي .
ماتوب يقرر فعل امر بطولي يتجه بحصانه نحو الاموات يقطع رؤوسم ببراعة لقد سبب الذعر في قلوب الاموات ان كان لهم قلوب حقا لكن رمحا واحدا اطلقه زايستيف اخترق صدره ليسقط صريعا مع الاموات تتناهش جثته الشياطين .
العمالقة يهدمون اسوار اريناس طائر زايستيف الابيض يوجه جناحيه ليعصف بجيوش البشر و يطلق سيلا من النار الملتهبة احرقت الكثيرين و اصابت اخرين .
لن تشهد ليريا معركة كهذه في التاريخ القادم هذا ما عرفه الجميع .
نهاية الفصل الاول _ قريبا الفصل الثاني باجزاء اخري ان شاء الله.
           [ تمت بعون الله]
#قصص_رضوان_عياد_القشعريرة

الأحد، 21 يناير 2018

مـلـحـمـة لـيـريـا( الجزء التاسع)


ملحمة ليريا #الجزء التاسع

حصن الجحيم *
طبول تقرع و اصوات صخب و ادخنة تتصاعد في الافق تظهر الابراج و حيوانات الماموث الضخمة التي درعت بالحديد يصاب من يراقبون من ابراج الحصن بالرعب يبدأون بنفخ ابواق النذير بينما يسرع احد القادة الي القائد اماياس و اللذي وصل بجيش قوامه ثلاثة الالاف الي الحصن لصد هجوم ليموريا
- سيدي القائد انهم يقتربون حشود لا حصر لها
- اعلنوا النفير الي الابراج و الجدران امطروهم بالسهام و من يقترب من الحصن اذيقوا جحيم المقذوفات النارية .
انطلق اماياس الي الجدار ليراقب الوضع و يقود المعركة لقد وعد اخاه و اباه بالنصر و حمايتهم كان مشهد الجيش مرعبا الابراج تقذف بالحجارة الملتهبة الابراج ولكن يكتشف انها كرات حديدية ملتهبة صنعت لهدم الابراج اذ لا يمكن للحجارة هدم برج بهذه السهولة ، كانت الثلوج تتساقط نيران مقذوفات الحصن تنطفيء بينما الحيوانات الضخمة تتقدم لهدم الحصن و جدرانه .
- قاتلوا يا رجال اصمدوا …
قفز اماياس الي برج قد تهدم بعضه ليصل الي حصان اسفل القلعة عند الارض يصرخ بالرجال ان يتبعوه ليلتقط من بقي من رجاله الشجعان سلاحهم و يصطدمون باولي افواج الليموريين في قتال ملحمي.
- انظر يا ابي هذا الراقوب الذي اهداه لك حصن ممتاز بامكاني ان اري اماياس يقاتل بشجاعة .
- ارسل امرا بعدم قتله اما البقية ابيدوهم حتي العائلات في الحصن و القري التي وراءه لا اريد اي حي .
بالطبع وبفضل كثرة الجيوش الليمورية ابيد رجال اماياس حوصر وحده و سيفه المعروف بيده لكن حبال نحاسية التفت علي اطرافه ليتم اسره بطريقة غريبة .
ينظر اجليداس الي الجيش ليصدر أمره لنتحرك نحو الجنوب الدافئ .
سهول ساندراس*
الجيوش الستة تجتمع و تحتشد هناك قرابة المائتي الف محارب مع كل عتادهم و القادة معا في هذه السهول ينتظمون وفق تنظيم محكم حتي يكون النصر حليفا لهم في معركتهم .
لكن الغريب انه لا جيش يواجههم ولا حتي اي نوع من المقاومة اجتازت الجيوش ساندراس و حقولها دون اي مقاومة بل ان القري خالية .
- هل هذه خطة نوميديا ؟
- ماتوب انت تعرف ان النوميديين سيدافعون لا قبل لهم بجيشنا ولا بجيش ليموريا .
ظهر طائر في الافق هبط قرب السهل الشمالي توجه اليه احد الفرسان ليتفحصه
- يبدو ان رسول اجليداس وصل .
- بل يبدو ان جيوشهم تقترب من اريناس علينا ان نسرع .
كانت رسالة الملك الشمالي لحصن بانه دك حصن الجحيم و عبر الي شمال نوميديا مرعبة لحصن اكثر من النوميديين لقد صدقت الانباء انه جهز جيشا عملاقا لا يهزم بسهولة و أسره للامير النوميدي دليل علي هذا .
- الان يخشانا العدو و الصديق يا جايان …
قالها اجليداس في فخر وهو ينظر لكم هائل من القتلي لمن قاموا بمواجهة زحفه من الشمال قري و حصون ابيدت تماما .
المذنب العظيم*
بينما تصل الجموع الهاربة الي اريناس تنظر رادنا الي السماء انها تراه يعبر الافق المذنب كما قالت العرافة تماما يقترب ليكون متعامدا مع القمر عندها سيظهر القمر قرمزي اللون مرعبا .
جموع هاربة فزعة تفر من الجنوب و الشمال نحو المعقل المنيع اريناس بقصرها الابيض ، يجلس يوبا علي عرشه ينظر للفراغ قبل ان يأتي صوت من الخارج يحمل بين طياته الفزع .
سيدي حشود ليموريا تظهر في الافق شمال النهر العظيم بامكاننا رؤيتها من علي الاسوار العظيمة فوق الجبل .
- لقد وصلوا بهذه السرعة اذا .
رادنا تنظر للفتاة تراها و قد بدأت تتحدث لأول مرة منذ ان قدمت معها تمتمت بكلمات غريبة لا تفسير لها توهجت حدقتاها بلون احمر مرعب قبل ان يمر المذنب عبر القمر ليتوهج  القمر بلون قرمزي كان ذاك ليلة وصول حشود الشمال الي اراضي اريناس لقد شاهد الجميع تحول القمر الي لون قرمزي مرعب حتي اجليداس اصابه الخوف اما حصن فقد عرف ان وراء هذا امر مرعب نذير لأمر ما يوشك علي الوقوع .
- حصن اراك قلقا هل انت بخير ؟
- ان ما رأيناه منذ لحظات امر غريب لم يقع من قبل .
- ماذا عن حربنا الحالية الملوك لن يعترفوا بمثل هذه الامور .
- اعلم يا مخلب اعلم كونوا علي حذر سنعسكر عند السهول الجنوبية لاريناس .
في حجرة الاميرة رادنا توجهت الفتاة الي الشرفة هناك خطت اولي خطواتها الي السماء السوداء في ضوء القمر القرمزي المخيف رادنا تتبعها تتجه الفتاة الي الجبل جبل أردو العظيم كأن سلما من الهواء صار يحمل الفتاتين الي تلك الدوامة في القمة قمة الجبل العظيم.
يحضر دارا فرقة الفرسان البيض هم اقوي فرقة في جيش نوميديا دربهم بنفسه تسليحهم خاص انهم وحدهم قادرون علي خوض قتال خارج الاسوار خيول ضخمة اختيرت بعناية و دروع فولاذية تم طلائها بلون ابيض لامع فرسان بارعون تم تدريبهم بشكل ممتاز و احترافي .
انكم امل نوميديا لنجتز رقاب الليموريين و نحرر اماياس .
كان اماياس علي عمود في اعلي برج ليموري تم ربطه بالحبال ليراه كل حرس الابراج علي جدران اريناس .
تفتح بوابات المدينة لأول مرة منذ حصارها لتخرج تلك القوة الضخمة لفرسان الفرقة البيضاء بقيادة دارا بن يوبا ، تصهل الخيول و يقبض الفرسان علي رماحهم استعدادا للهجوم ليصرخ دارا بهم "النصر لنا و الموت لاعدائنا" ينطلقون كالرياح العاصفة نحو جموع الليموريين ليلتحموا في قتال عنيف كان الليموريون يتساقطون كالفراشات امام النار بينما تخترقهم خيول فرسان دارا لقد سبب هذا الذهول للعدو حتي ان بعضهم تراجع و فر للخلف و ارجف فرسان العدو و اصابهم الرعب كان حصن يراقب القتال و قد عرف ان عدوه ليس سهل المنال .
رادنا تقترب من ذاك الشق في الجبل واللذي ظهر بعد ان تحولت الفتاة الي سراب و تبخرت امام عينيها دخلت ذاك الشق في الجبل لتكتشف انه كهف ليس كأي كهف انه ذات الكهف تماما .
زايستيف*
ذات الكهف اللذي لطالما حلمت به ذات الرموز و الرسومات علي الجدران ذات الوهج الصادر من مكان لا تعرفه لكنه ينير دربها نحو تلك الغرفة في نهاية الكهف .
تحث الخطي نحو تلك الحجرة رغم ان اصواتا تصدر من الجدران صارخة بلغة لا تفهمها لكن قلبها يفهم انها اصوات تستجديها الا تفعل لا تدخل لا تفعل ،هي تعرفه لقد رأته في احلامها عشقها الأبدي يمنعها لن تتخلي عنه إنه هنا يحتاجها و هو ايضا منقذ شعبها من شعوب ليريا اللتي اتحدت ضدهم .
تصل الي الغرفة تراه جيدا انه ضريح مكبل بالسلاسل و الطلاسم في نهاية السلسلة قلب اسود ينبض حول القبر اطياف تقف كالحرس ،تخرج خنجرها فتتراجع الاطياف و تتحلق حول الضريح تتقدم نحو القلب في خطوات ثابتة ، توجه ضربة الي القلب لكنه لا يتأثر يصدر صوت من مكان مجهول .
- رادنا لن يحرر هذا السجين الا شخص يعشقه هل انتي كذلك ؟
تجيب في خوف و رهبة من هذا الصوت
- نعم انا اعشق (زايستيف)
لا تعلم كيف عرفت اسمه لكنها نطقت اسمه الحقيقي السيد الشيطان الشر سيد الظلام كلها مجرد ألقاب ،صرخت بأعلي صوتها "أحبك زايستيف اخرج" وجهت ضربتها لذلك القلب النابض لينفجر مهرقا دمائه في انحاء المكان ترتفع الطلاسم في الهواء حول القبر تهرب الاطياف الي زوايا الحجرة تتراجع رادنا للخلف منتظرة ما سيحصل ،يرتفع غطاء القبر ليتلاشي كل شي الطلاسم الغطاء الحجري و السلاسل و حتي الاطياف بدأت تحترق يرقد في سلام جسد شاحب للوهلة الاولي تظن انه بشري ربما هو كذلك درعه الاسود ذو النقوش و الطلاسم سيف اسود النصل و وشم يغطي ذراعه يبدو كسحر ما يتوهج باللون الاحمر ،يفتح عينيه ذات البياض الاسود اللون و الحدقة المشعة باللون الاحمر ملتهبة كالجمر يحرك ساعديه يتفقد سيفه يضع يده علي اثر جرح قديم في صدره يظهر من خلف الدرع المشقوق رسم التنين علي كتفه ينهض مستقيما امام الاميرة ينظر اليها تنطلق تلك الهالة السوداء حول جسده .
- انتِ من اطلق سراحي ؟
قالها بصوته اللذي لا يمت للشر بصلة صوت رجولي لفارس قادم من احلام العذراوات ، اكتفت بأن أومأت برأسها اميرة مقاتلة عنيدة لم تخشي رجلا في حياتها لم تحب رجلا في حياتها لم تخضع لرجل من قبل ،الآن تقف مرتعدة امامه يخفق قلبها بشدة .
رادنا ابنة ملك نوميديا .
توجه نحوها اقترب منها تأمل عينيها كانت عاجزة أمامه اقترب من شفتيها قبلها تلك القبلة الجحيمية سرت القشعريرة في جسدها و احست بأن جزءا منها قد رحل جزء من روحها و أن بذرة ما زرعت بداخلها توجه بنظره نحو المخرج مخرج الكهف لينطلق تيار من الهواء القوي مدمرا مدخل الكهف ينفجر جزء من الجبل ليظهر زايستيف و الاميرة من مكانهما يظهر كل شيء يري كل شي الحرب المعركة المدينة كل شيء .
المعركة*
يتراجع دارا نحو الاسوار مخلفا مئات القتلي الليموريين لكنه لم يفلح بالوصول الي البرج اللذي علق اخوه عليه ، اشار حصن لرجاله خرج درباس بحصانه الي ساحة الحرب يطلب النزال وسط هدوء يسبق العاصفة ،نظر دارا الي هذا الضخم المتوحش و عرف ان لا أحد غيره يستطيع قتله تقدم نحوه ليبدأ نزال بينهما لم يدم الا لحظات وسط ذهول جيوش ليموريا و جيوش الجنوب لقد قطع دارا رأس العملاق و القائد المعروف بوحشيته في لحظات اصاب الفزع الجميع .
- هتكار ما رأيك ؟
- كونت دي ترافان هذا الرجل ليس اعتياديا قوة نوميديا الاسطورية لم تكن كذبة و لكن هم لم يقاتلوا هكذا من قبل لان الامر لم يكن مهما ، لو انكم غزوتم اوراس لقاتلت مع الكاهنة و لكنا اشرس من حيات غاباتنا و تماسيح انهارنا .
تحدث زعيم القتلة قتلة و لصوص يور المعروف بصمته الدائم و عينه الواحدة بصوته المرعب (رمح النار).
- هتكار لا تغتر بجلبة نوميديا سيحترقون بعد قليل .
لم يفهم احد ما يقول لكن عرفوا ان الداهية حصن يخبئ مفاجأة ما .
يظهر جيش نوميديا من خلف دارا و فرسانه بعد ان زادت عزيمتهم و لم يبقي سوي الحرس الملكي علي الاسوار مدافعا عنها ، حصن يعطي اشارته الي اللورد ترافاغالو و اللذي بدوره يعطي الاشارة الي السير دورمن لتظهر من بين صفوف تونال آلات غريبة ذات فوهات اسطوانية سرعات ما اتضح الامر النيران تشعل الفتيل لتقذف الالات جحيمها علي المدينة النيران تلتهم بعض ازقة و شوارع المدينة الصراخ و البكاء يفر الابرياء من الجحيم نحو اي مكان آمن ،يعطي اجليداس الاشارة لجايان ليبدأ الحفل المجانيق العملاقة بدأت بقذف ما في جعبتها نحو الاسوار مدمرة اجزاءا منها .
يوبا يمسك بسيفه سيقاتل هو الاخر بينما تتقدم جيوش العدو نحو جيش نوميديا .
جيش ليموريا بقيادة جايان جموع حاشدة تتقدم مغطية الافق حصن من الجهة الاخري و الي جانبه حشود يور و لير ،اللورد ترافاغالو و حشود تونال و اسديور ،اوراس و جنودها و ماتوب مع جيوش يافاو جميعهم يتقدمون في خطوات ثابتة تهز الارض ،احس دارا بالفزع انها النهاية لا شك في ذلك .
تفتح ابواب نوميديا ليخرج الملك مع الحرس الملكي و رجال نوميديا من العامة و من لم يقاتلوا يوما لكنهم مضطرون لن يرحمهم هذا العدو .
تسمع فرقعة عظيمة اعلي الجبل ينظر الجميع الي جبل أردو في قمته الدخان و الغبار ينطلق ليظهر شي ما شعاع اسود اللون بجانبه اميرة ترتدي ثوبا ناصع البياض كان ظاهرا للجميع الجيوش المتقاتلة و سكان المدينة .
شعر اجليداس بانقباضة في قلبه و الم حاد في رأسه شعر بتدفق الخوف الي داخل أحشائه ،يوبا ايضا احس بالخوف و لكنه عرف من يكون فقد قرأ كتاب الماء في شبابه و اللذي يروي ما حصل فالماضي رغم ان الكتاب مهترئ و ناقص و بلغة صعبة جدا ،حصن ايضا عرف ان هذا لا يبشر بالخير .
نظر اليهم زايستيف من اعلي
- اطمئني لن يتمكنوا من نيل مدينتي أردو .
_____________________________
#قصص_رضوان_عياد_القشعريرة
الي اللقاء في الجزء القادم و الأخير. 

السبت، 20 يناير 2018

قصة رعب بعنوان ... (المقتحمون – الجزء الرابع والأخير)

ملخص ما سبق ... يفسر الدكتور (كمال عثمان) ظاهرة الموتى السائرين على أقدامهم، بوجود كائن مقتحم داخل تلك الأجساد، يحركها كعرائس (الماريونيت)... ومطاردة رهيبة يقوم بها النقيب (محسن)، يلاحق فيها ذلك الكائن داخل جسد إمرأة ريفية، شابة، قبل أن تنجح تلك المرأة في الهروب منه، بعدما أتي ذلك الكائن بأفعال جسدية، وقوة خارقة، لا يبديها ذلك الجسد الضعيف، النحيل ... ومفاجأة مرعبة، عندما يتضح أن ذلك الكائن في أثر الدكتور (كمال عثمان)، بل ويطرق باب (فيلته) في تلك اللحظة!
...
فتح الدكتور (كمال عثمان) الباب لتطالعه تلك المرأة الشابة، السمراء، الناحلة ... وفي لحظة واحدة تبدلت ابتسامة الترحيب على وجهه، بنظرة ذعر، دفعت تلك المرأة لتتحدث بصوت خشن، يحمل نبرة مقت وكراهية:
-          إذا فقد عرفتني.
الحقيقة، أنه بمجرد أن فتح الدكتور (كمال عثمان) الباب، فإنه استشعر تلك الطاقة السوداء التي تحملها زائرته، و هاجمت عقله تلك الرؤى والذكريات، فتذكر معها آخر مرة استشعر فيها تلك الطاقة اللعينة، كان ذلك الأمر منذ سنوات طويلة، عندما اكتشف مصادفة وجود ذلك الكائن الشيطاني الذي يدعى (عطوت) داخل جسد طبيب للجهاز الهضمي زاره الدكتور (كمال عثمان) عندما شعر ببعض آلام المعدة، كان ذلك الشيطان قد اقتحم جسدالطبيب ليتخذ منه عائلا دائما له ... والعائل الدائم، هو العائل الذي يسمح باقتحام جسده طواعية، حينها يصير أسير ذلك الجسد الذي يصبح تحت أمرة الشيطان المقتحم تماما، يحركه كما يشاء، يتابع فيها كل ما يفعله الشيطان المقتحم كمتفرج عاجز من داخل سجن جسده، ولا يظهر على السطح إلا لحظات قليلة، ترتبط بأطوار قوة ذلك الشيطان المقتحم، حين تضعف قبضته قليلا بما يسمح للأسير بأن يطلق صرخات استغاثة، قد لا يسمعها أحد ... أما العائل المؤقت فهو الجسد الميت حديثا الذي يقتحمه الشيطان المقتحم لفترة قصيرة قبل أن ينهار الجسد ويتحلل، عندها يكون عليه أن يبحث عن عائل مؤقت آخر في جسد ميت بصورة طبيعية أو قتيل يقتله بنفسه حتى ينتقل إليه بسرعة، وذلك لآن الكائن المقتحم لا يستطيع أن يعيش لفترة طويلة خارج جسد العائل.
عندما زار الدكتور (كمال عثمان) ذلك الطبيب، استشعر نفس تلك الطاقة السوداء حينها، والتقط استغاثة صاحب الجسد الأسير داخله، حينها خاض صراعا رهيبا مع ذلك الشيطان (عطوت)، إنتهى بإرسال الأخير إلى بعده الكوني، وعالمه، وتحرير الطبيب الأسير داخل جسده ... وما عرفه الدكتور (كمال عثمان) حينها، أن ذلك الشيطان لبث مقتحما ذلك الجسد سنوات طويلة، وإنه عاش حياة كاملة داخل ذلك الجسد ... وما يعرفه الآن هو أن ذلك الشيطان نجح مجددا في العودة إلى الأرض، وإنه لم ينس يوما ما فعله به الدكتور (كمال عثمان) في الماضي، وإنه جاء في تلك اللحظة إلى داره لينتقم منه انتقاما رهيبا ...
***
عندما علم النقيب (محسن) بالعنوان الذي توجه إليه ذلك الكائن الشيطاني، قفز من مكتبه وانطلق بسرعة في سيارته دون الانتظار لتجهيز فريق الدعم، فشعوره بالخطر على خاله أنساه كل الإجراءات الرسمية التي تتبع في مثل تلك الحالات، وعندما وصل إلى (فيلا) الدكتور (كمال) راعه ما رأى، فقد كان باب (الفيلا) مقتلعا، ومحطما من منتصفه كأن هناك (بلدوزر) قد عبر خلاله ... وفي الداخل أيضا كان باب غرفة المكتب مغتصبا من مفاصله، وملقا في الردهة ... صرخ النقيب (محسن) وهو يتوجه إلى غرفة المكتب:
-          خالي ... هل أنت هنا!؟
لم يناديه بلقبه واسمه كما اعتاد أن يفعل، فالقلق الذي يشعر به في تلك اللحظة على خاله، وفكرة فقدان الشخص الوحيد الذي يهتم به في حياته، ويعتبره في مقام أبوه وأمه اللذان فقدهما من قبل وهو صغير، جعلاه يتصرف بعفوية وانفعال ... اندفع النقيب (محسن) إلى داخل غرفة المكتب فصعق عندما وجدها على تلك الحالة، وكأن أعصار قد مر بها، الأثاث محطم، ومحتويات الغرفة مقلوبة رأسا على عقب، والكتب والوثائق متناثرة في كل مكان، صرخ مجددا مناديا بأعلى صوته:
-          دكتور (كمال)!
ثم انطلق يبحث عنه في كل مكان في (الفيلا) عندما لم يجد له أثرا في غرفة المكتب، بعد دقائق وصل الملازم (محمد) وفريق الدعم،وانتشر الجميع في المكان وخارجه، بحثا عن الدكتور (كمال عثمان) أو ذلك الكائن الشيطاني، ولكنهم بعد نصف ساعة أعلنوا يأسهم التام من العثور على إيهما، اقترب الملازم (محمد) من النقيب (محسن) وربت على كتفيه مطمئنا، بعد أن لاحظ الذعر المرتسم على وجه الأخير وعينيه الزائغتين، وهو يقول:
-          لا تقلق سنعثر عليه ...
تمتم النقيب (محسن) بكلمات غير مفهومة، فأردف الملازم (محمد):
-          هل حاولت الاتصال به على هاتفه المحمول؟
فأخرج النقيب (محسن) من جيبه هاتف محمول، وأشاح به وهو يقول بصوت مبحوح:
-          لقد عثرت على هاتفه، ملقا في غرفةالمكتب!
بعد قليل وصل أحد الجنود إلى المكان، وأدى التحية العسكرية وهو يقول:
-          لقد عثرنا على جثة في مكان قريب من هنا يا (باشا)!
انتصب شعر النقيب (محسن)، وسقط قلبه بين قدميه ...
***
مرت ثلاثة شهور على تلك الواقعة، حيث عثروا ليلتها على جثة المرأة الريفية الشابة، زوجة الجندي (صبيح)، ملقاة في حديقة (فيلا) قريبة، بعد أن غادرها الكائن الشيطاني ... في البداية خاف النقيب (محسن) أن يكون ذلك الكائن الشيطاني قد انتقل إلى جسد الدكتور (كمال عثمان) بعدما قتله، إلا أن التحريات أكدت أن بواب تلك (الفيلا) اختفى من المكان على غير عادته ... كان الأمر واضحا للغاية، ولم يحتج النقيب (محسن) إلى دليل ليؤكده، لقد انتقل ذلك الكائن الشيطاني إلى جسد البواب، وهكذا عليه أن يشرع في مطاردة جديدة لملاحقة هذا البواب، حتى عثر على جثته هو أيضا، داخل مركز للخدمات الليلة الذي اختفى العامل فيه أيضا ... مطاردة جديدة، بعدها مطاردة أخرى في كل مرة يظن النقيب (محسن) أنه قد أطبق على ذلك الكائن الشيطاني، الذي يختفي في اللحظة الأخيرة مخلفا وراءه جثة شخص برئ، بعدما يقتحم جسد شخص جديد ...
لم يكن هدف النقيب (محسن) من كل تلك المطاردات هو القبض على ذلك الكائن الشيطاني، كان محركه الوحيد هو معرفه مصير خاله الدكتور (كمال عثمان)، الذي اختفى كل أثر له بعد حادثة (الفيلا)، كأنه فص ملح وذاب ... ساءت حالة النقيب (محسن) النفسية كثيرا، رغم ما عرف عن ثباته الانفعالي، وقوته النفسية، ولكن فقدان خاله كان أكثر من قدرته على التحمل، صار جسده هزيلا وملامحه شاحبة، حتى أن رؤساءه شعروا بالقلق حياله، وأبعدوه عن تلك القضية، وعندما رفض طلبوا منه أن يحصل على إجازة مفتوحة حتى يتعافى ... ورغم أن النقيب (محسن) قام بالإجازة طاعة لرؤساءه في العمل، إلا أنه ظل يطارد ذلك الكائن الشيطاني، ويستطلع أخباره من الملازم (محمد)، وزملاءه في العمل، وأيضا لم يكتب له النجاح في تلك المساعي...
***
في تلك الليلة شعر بالأرق، ووجد قدماه تقودانه إلى (فيلا) خاله التي لم يطأها منذ انتهى التحقيق في قضية اختفاءه ... دخل (الفيلا) من بابها الجديد الذي قام بتركيبه مكان ذلك الذي اقتلعه الكائن الشيطاني ... (الفيلا) على حالها، وكذلك غرفة المكتب، يشعر بريح خاله، وحضوره في أرجاء المكان، رغم تلك الفوضى التي ضربت بكل شئ فيه ... التقط النقيب محسن كتابا من على الأرض ثم وضعه على رف المكتبه، وهو يكلم نفسه:
-          لا أعرف هل هذا هو موقعك الصحيح، لقد كان الدكتور (كمال) منظما ومنضبطا كالساعة، ولكن هذا أفضل من تركك ملقا على الأرض.
لثلاثة ساعات متتالية حتى قرب موعد آذان الفجر، أخذ النقيب (محسن) يرتب غرفة المكتب، في محاولة محمومة لإعادة كل شئ إلى ما كان عليه، وكانه لو فعل، فقد يعيد ذلك خاله الضائع إلى المكان ... في تلك اللحظة انتبه النقيب (محسن) إلى تلك الورقة المطبقة والمخفاة بحرص أسفل إحدى قوائم المكتب الأسود الضخم المصنوع من خشب الأبنوس، والذي لم يتزحزح من موقعه مع كل ذلك الدمار الذي أصاب باقي قطع الأثاث ... التقط النقيب (محسن) الورقة وفضها فسقط منها شئ أبيض صغير على الأرض فالتقطه فوجده جعرانا فرعونيا أبيض اللون، إنه يعرف ذلك الشئ جيدا، إنه تلك التقية الفرعونية التي استخدمها الدكتور (كمال عثمان) للحماية أثناء معركتهما السابقة مع (صائدوا الموتى)، وضعها النقيب (محسن) بسرعة في جيبه بعدما لاحظ أن هناك كتابة في الورقة، كتابة عرف فيها بسرعة خط الدكتور (كمال عثمان) وإن كان نسق الخط المرتعش، المهتز، ينبئ بأنه كتبها على عجل ... كان الورقة مكتوبا بها:

*** محسن ...
الصندوق / (علام النمر) / إفناء العائل/ @ ***

قرأ النقيب(محسن) الورقة عدة مرات بلهفة، إنها رسالة من خاله، تركها له ومعها تلك التقية الفرعونية، من الواضح أنه فعل ذلك على عجل، ومن معرفته لشخصية خاله الدكتور (كمال) ودقته، فإن المعلومات البسيطة التي تحويها تلك الورقة قديكون بها حل اللغز كاملا ... أخذ النقيب (محسن) يحلل ما جاءت به الورقة، فكان الدليل الأول هو ذلك الاسم (علام النمر) عليه أن يجده وبعدها عليه أن يبحث عن صندوق ما، ويفعل به شيئا ما ... الشئ الأكثر غموضا هو ذلك الرمز الذي جاء في آخر الرسالة، الذي يشبه العلامة (@) وإن كان يختلف عنها قليلا، المهم أنه لديه الآن طرف خيط، وأن الأمل والحماس عادا ينبضان داخله ...
بعد أسبوع، والكثير من التحريات، والنتائج، ولقاء مع (علام النمر) آخر من قابل الدكتور (كمال عثمان) قبل اختفاءه ومعرفة ما دار بينهما، وقصة المقبرة والصندوق، الحقائق تتراكب كقطع (الباذل) فوق رقعة الأحجية، الآن يفهم النقيب (محسن) كيف بدأ ذلك الأمر، وبحاسته الأمنية، وبالكثير من الخبرة، يمكنه أن يفهم المزيد عما يحدث الآن، ويضع خطة لما هو قادم لاحقا ... اهتز المحمول في جيب النقيب (محسن) فأخرجه، ليجد مكالمة من زميله الملازم (محمد) الذي بادره قائلا:
-          المشتبه به في أحد الفنادق بالمنطقة الشعبية.
-          هل أنت متأكد؟
-          أجل ... شخص مقتول وآخر يختفي في ظروف غامضة من محيط الجريمة، ثم يظهر بعد ذلك في أحد الفنادق الشعبية، إنها نفس الملابسات المعتادة.
شعر النقيب (محسن) بالإثارة، فقال له بسرعة:
-          أعطني العنوان بسرعة، وقابلني هناك وحدك.
تردد الملازم (محمد) للحظة، ويبدو أن تجربته السيئة السابقة مع ذلك الكائن تعبث بذهنه، فشجعه النقيب (محسن):
-          لا تقلق ... لن يهرب منا تلك المرة.
وصل النقيب (محسن) إلى المكان بعد نصف ساعة، وهو يلعن الزحام الذي تسبب في تأخره، فوجد الملازم (محمد) ينتظره أمام باب الفندق شاحبا، فسأله:
-          ما بك!؟
-          تأخرنا هذه المرة أيضا ... لقد عثرت على الهدف مقتولا في غرفته، وقد أرسلت في استدعاء الفريق الجنائي.
-          اللعنة.
ضرب النقيب (محسن) قبضته في الجدار بغضب، فطالبه زميله بالهدوء، وأخبره أن سيواصل التحقيق، ويتصل به عندما يكون هناك جديد ... فجأة شعر النقيب محسن بأن هناك شيئا في جيبه يلفح جسده بحرارته، فمد يده بسرعة وأخرج الجعران، الذي كان ساخنا للغاية، وقد تغير لونه إلى اللون الرمادي الفاتح بدلا من الأبيض الناصع، فسأله الملازم (محمد):
-          ما هذا!؟
-          لا شئ.
قالها وهو يدسه في جيبه ويبتعد ...
***
 لم يمض أسبوع على تلك الأحداث حين توجه النقيب (محسن) إلى مكتب الملازم (محمد)، الذي نهض مرحبا به وحياه التحية العسكرية الواجبة، قبل أن يسأله:
-          كيف الحال يا (محسن) باشا؟ ... أي ريح طيبة ألقت بك إلى هنا؟
ابتسم النقيب (محسن) وهو يقول:
-          أنا هنا لسببين، أولهما استطلاع آخر الأخبار منك، والثاني قطع إجازتي ... لقد تواصلت مع الرؤساء ووافقوا على عودتي للعمل.
-          رائع يا (محسن) باشا، حمدا لله على سلامتك ...
مرة أخرى يستشعر سخونة الجعران في جيبه، فأخرجه ليكتشف أن لونه قد صار داكنا عن المرة السابقة ... فوضعه في جيبه بسرعة، وهو يتابع نظرات الدهشة على وجه الملازم (محمد)، ولكن قبل أن ينطق الأخير بأي سؤال، رن جرس المحمول الخاص به، فأجاب عليه، واستمع للمتصل لعدة ثوان، قبل أن يغلق الهاتف وهو يصيح في فرحة شديدة:
-          لقد عاد ... لقد عاد.
فسأله الملازم (محمد) مستفسرا:
-          من هو!؟
-          الدكتور (كمال عثمان)، إنه الآن في (فيلته)!
قالها ثم أسرع إلى الخارج، وهو يحمل على وجهه ملامح اللهفة والسعادة...
***
في نفس تلك الليلة، وقبل منتصف الليل بدقائق، تسلل ذلك الشبح تحت ستر الظلام ومحاق القمر، إلى داخل فيلا الدكتور (كمال عثمان) عبر إحدى النوافذ الجانبية، كان المكان مظلما، ولكن بدا أن هذا الشبح يرى في الظلام وهو يسير بثقة في الردهة، ثم يعتلي الدرج نحو الطابق الأول، ويتوجه مباشرة إلى غرفة نوم الدكتور (كمال عثمان)،ويفتح بابها بهدوء، ويدلف إلى داخلها، ويقف في ركن مظلم منها، يراقب الدكتور (كمال) وهو نائم في فراشه، متدثرا بغطاءه ... للحظات ظل الشبح متجمدا في ذلك الركن، ثم بدأ يتحرك ناحية الدكتور (كمال) حتى صار بجوار فراشه تماما، ثم مد يده وهو يرفع الغطاء عنه وهو يقول بلهجة تحمل الكثير من المقت والكراهية:
-          أخيرا عدت أيها الملعون ... لا أعرف كيف هربت مني في المرة السابقة!؟.. ولكن في هذه المرة، لا مجال لك للهرب.
انبعث صوت تكة معدنيةخفيف، في نفس اللحظة التي اضئ فيها النور، ليجد ذلك الشبح نفسه مقيدا بقيد معدني يتصل بسلسلة غليظة في أصل الجدار ... في نفس اللحظة التي نهض فيها الشخص النائم في الفراش، فصرخ الشبخ بدهشة:
-          النقيب (محسن) ماذا تفعل هنا!؟... أين الدكتور (كمال)!؟
أجاب النقيب (محسن) الذي كان نائما في فراش خاله:
-          الطبيعي، أن أسألك أنا أيها الملازم (محمد) ما الذي جاء بك إلى هنا؟ ... ولكنني أعرف السبب لهذا نصبت لك هذا الفخ أيها اللعين.
تصنع الملازم (محمد) الدهشة، وهو يقول:
-          ماذا تقصد!؟ ... لقد جأت إلى هنا لأطمأن على الدكتور (كمال) بدوري ...
صرخ به النقيب (محسن):
-          لا داعي للكذب أيها الكائن المقيت، الدكتور (كمال عثمان) لم يعد إلى داره، لقد كانت خدعه، وقد كشفتك التقية التي تركها لي الدكتور (كمال) ...
قالها وأخرج الجعران من جيبه الذي تحول لونه إلى الأسود الحالك ... أطلق الملازم (محمد)، أو ذلك الشيطان الذي يحرك جسده ضحكة طويلة، ثم قال بغلظة، وهو يحرك القيد المعدني الذي يكبل يمينه:
-          هل تظن أيها الأحمق أن هذا القيد قادر على احتجازي إلى الأبد!؟
اتسعت ابتسامة النقيب (محسن) وهو يلتقط إناء ممتلئ بسائل شفاف من جوار الفراش، قبل أن يلقي محتواه على جسد الملازم، وهو يشعل قداحته ويلقيها عليه قائلا:
-          ومن قال أنني سانتظر إلى الأبد؟ ... لقد أخبرني الدكتور (كمال) أنه علي إفناء العائل، وها أنا أفعل ذلك.
شبت النيران في لحظة واحدة، واشتعلت في جسد الملازم (محمد)، لقد كان ذلك السائل الذي ألقاه عليه النقيب (محسن) هو (كيروسين) نقي ... انطلقت الصرخات من الملازم (محمد) مع تلك النيران التي أخذت تلتهم جسده، وبقوة رهيبة تفوق قوة البشر بعشر مرات انتزع ذلك القيد الحديدي، ثم توجه ناحية الباب، الذي كان مغلقا، فلاحقه صوت النقيب (محسن):
-          الباب مغلق ... جزء آخر من الفخ.
اندفع الملازم محمد الذي تحول إلى كتلة من النيران ناحية الباب، ولكنه عجز عن اقتحامه، فقد كان مدعوما من الخارج بأطر حديدية صلبة، حاول مجددا، ولكن النيران كانت قد التهمت معظم مادة جسده فسقط على الأرض ... فجاءه صوت النقيب (محسن):
-          الآن ستغادر جسد الملازم (محمد) المسكين بحثا عن صيد آخر ... لا لن يحدث أبدا... هذه هي محطتك الأخيرة ...
قالها والتقط ذلك الصندوق الذي أعطاه له الباحث (علام النمر)، ثم فتح غطاءه، وهو يقول:
-          لقد فهمت من رسالة الدكتور (كمال عثمان) أن هذا الصندوق هو وسيلة القضاء عليك، وأنا أثق في خالي تماما ...
فجأة ارتج الصندوق في يد النقيب (محسن) وانبعثت منه أصوات رهيبة، وأضواء شبحية، فأغلق غطاءه بسرعة، فساد الصمت المكان ... وضع النقيب (محسن) الصندوق على الأرض بعدما أحكم إغلاقه، وتوجه إلى جسد الملازم (محمد) الذي احترق حتى آخره، وهو يقول بأسى:
-          مسكين يا صديقي ... لقد كنت أعلم من اللحظة الأولى التي اقتحم فيها هذا اللعين جسدك أنك ميت ... سامحني، لم يكن هناك حل آخر، أنا أنتقم لك ولكل الذين قتلهم هذا اللعين، وأعلم أنه لا يضير الشاة شيها بعد ذبحها، فسامحني ياصديقي ...
تلفت حوله، وعاد والتقط الصندوق، وهو يقول يجب إخفاء هذا الشئ اللعين في مكان بعيد تماما عن البشر، وهناك الكثير من الفوضى هنا يجب إزالتها ... علها تكون النهاية!
***
بعد ثلاثة سنوات على تلك الليلة، كان النقيب (محسن) يجلس في مكتب (الفيلا) التي أصبحت الآن (فيلته) قانونيا، بعد أن مضى على اختفاء الدكتور (كمال عثمان) فترة طويلة اعتبره فيها القانون ميتا، وبالتالي فإن كل أمواله وثروته آلت في النهاية إلى قريبه الوحيد النقيب (محسن) ... ثروة ضخمة، وأطيان، وممتلكات وعقارات، وتلك (الفيلا) الممتلئة بالتحف، ولكن كل ذلك لم يسعد النقيب (محسن) بعد أن فقد خاله وعضده، ولكن الأيام قادرة على أن تطفئ النيران وتطبب الآلام، فها هو يواصل حياته، وعمله بصورة طبيعية، بعد أن أنتقل ليقيم في (الفيلا) من عام واحد ... للحظة وقعت عيناه على المكتبة العملاقة، بطول الجدار وعرضه، وآلاف الكتب والمخطوطات المتراصة فوق رفوفها، والتي حرص على أن يتركها كما هي، حيث يذكره النظر إليها بخاله ويشعره ذلك بالراحة النفسية ... مرت عيناه بسرعة على صفوف الكتب، ثم توقفت مرة واحدة، وارتدت إلى أحد الكتب بعينه، فانتفض من مقعده وتوجه مباشرة إلى ذلك الكتاب، الذي كان يحوي ظهره على علامة تشبه (@)، وهو يعلم تلك العلامة جيدا، إنها اللغز الأخير من الألغاز التي تركها له خاله الدكتور (كمال عثمان) في رسالته ...
حاول النقيب (محسن) جذب الكتاب، ولكنه لم يخرج، ومال إلى الخلف كأنه مثبت على (ياي) في نفس اللحظة التي علا فيه صوت شئ ثقيل يجر، ثم اهتزت المكتبة، وبدأت تتزحزح إلى اليمين ليظهر من تحتها فجوة في الجدار بطول متر وبعرض النصف متر، تؤدي إلى ظلام لا يحوي بصيصا من الضوء ... اقترب النقيب (محسن) من تلك الفجوة بحذر، وحاول النظر إلى داخلها، فلم يستطع رؤية أي شئ بسبب الظلام الحالك الذي تؤدي إليه، المفروض أن هذا الجدار يؤدي إلى حديقة (الفيلا)، ولكن ذلك الظلام الحالك الذي يطالعه من داخلها يجعله يفكر أن تلك الفجوة تخفي وراءها شيئا خوارقيا، وهي ليست مجرد فجوة طبيعية في الجدار، فكر النقيب (محسن) في أن يعبر إلى داخل تلك الفجوة، ويكتشف ذلك الظلام وارءها، ولكن قبل أن يخطو خطوة واحدة  إلى الداخل، اندفع ذلك الشخص خارجا منها، واصطدم به بقوة، فسقطا معا على الأرض، وتدحرجا ... اعتدل النقيب (محسن) بسرعة، وهو يتوجه إلى ذلك الشخص الذي اقتحم المكان، قبل أن يصرخ في فرح وغبطة:
-          خالي ... أهذا أنت!؟
-          (محسن) ... إبن أختي، كيف حالك أيها الصغير!؟
اندفع النقيب (محسن) ليحتضن الدكتور (كمال عثمان) وقد بدأت عيناه تزرفان الدموع، فاحتضنه الدكتور (كمال) الذي كان لا يزال في ذلك (الروب) المنزلي الذي كان يرتديه عندما اختفى منذ ثلاث سنوات، وهو يقول:
-          ماذا بك!؟ لماذا تبدو متأثرا!؟
قالها وهو يتوجه ناحية الكتاب ليجذبه مجددا، فتتحرك المكتبة إلى وضعها الأصلي وتخفي الفجوة وراءها، وهو يردف:
-          لا يجب أن يبقى هذا الباب مفتوحا، لا يعرف أحد ما الذي قد يخرج منه!؟
 كانت الدموع ما زالت تنساب على وجنتي النقيب (محسن)، فسأله الدكتور (كمال عثمان)، وهو يشير إلى المكتبه:
-          كم بقيت في الداخل!؟
-          ثلاث سنوات كاملة!
مط الدكتور (كمال عثمان) شفتيه وهو يقول:
-          عشتها كعشرة ساعات فقط ...
قالها ثم سأل:
-          وهل زال الخطر!؟
-          أجل ...
-          رائع ...
كان وجه النقيب (محسن) يحمل ألف سؤال، فبادره الدكتور (كمال):
-          أعرف أنك تريد أن تسأل عن المكان الذي قضيت فيه كل هذا الوقت!
أومأ النقيب (محسن) برأسه، فقال الدكتور (كمال) مسترسلا:
-          عندما حاصرني ذلك الشيطان اللعين (عطوت)، وعلمت أنه لا مكان للهرب، اضطررت للجوء إلى مخبئي السري، وهو مكان خاص اكتشفته بين العوالم في أبحاثي ومخطوطاتي، مشكلته الوحيدة أن قواعده الفيزيقية تختلف عن هذا العالم، وقضاء ساعة واحدة هناك تعادل شهور في هذا العالم، ولكن قبل أن أذهب تركت لك رسالة، وكنت أثق في قدرتك على إنقاذي والتخلص من هذا الشيطان، وإرساله عبر نفس البوابة التي عبر منها إلى عالمنا من عالمه اللعين.
ساد الصمت للحظات، فقطعه الدكتور (كمال) وهويقول:
-          هيا أخبرني ما الذي تغير في العالم منذ غيابي!؟
ابتسم النقيب (محسن)، وهو يجيب:
-          الكثير، لقد صارت هذه (الفيلا) ملكي الآن، وأنا أقيم بها ...
في تلك اللحظة انبعثت ضحكة طفولية قادمة من ناحية الباب، قيل أن يدخل منه طفل صغير في عمر العام، وخطا عدة خطوات غير متزنة، ثم أقعى على الأرض وأخذ يحبو متوجها ناحية النقيب (محسن)، وهو يواصل ضحكاته الطفولية، فأردف الأخير:
-          كما أنني تزوجت وأنجبت طفل صغير ...
صمت لحظة، قبل أن يردف:
-          واسميته  (كمال) ....
ثم توجه إلى الطفل، ورفعه من على الأرض، وهو يخاطبه:
-          هيا يا (كمال) تعال سلم على جدك.

.. (تمت) ..