لقد قدمت (هوليود)
ذلك المشهد وتلك الحبكة في العشرات من أفلام الخيال العلمي ... مكان منعزل، ليلة
ظلماء، إذا بالتأكيد سيتوقف محرك سيارتك دون أي مقدمات، ومعه أيضا كل الأجهزة
الكهربية في السيارة، وكذا هاتفك المحمول وحاسبك الشخصي، حتى ساعة يدك الرقمية،
كلها ستلقى حتفها وتتحول إلى قطع من الخردة ... تدير مفتاح (كونتاكت) السيارة
محاولا بعث الروح في جسدها المتوفي، ولكنها ترفض الاستجابة ولا حتى بشهقة أو غرغرة
تشعرك بأن هناك أمل في أن تعمل مجددا ... تزفر في يأس، وتضرب مقود السيارة بقبضتك
في غضب وإحباط، وتلعن حظك السئ ... إنها نفس الحبكة (السينمائية) بالضبط، الفارق
الوحيد أنها تحدث معك الآن في عالم الواقع ...
فجأة تلمح في مرآة
سيارتك الأمامية ضوء مبهر قادم من خلفك،
فتحسبه ضوء سيارة أو شاحنة عابرة، قد تحمل لك معها النجاة من هذا المأزق ...لكن تنتبه
إلى أن هذا الضوء غير طبيعي، فهو شديد اللمعان والبريق، ويحمل ألوانا متراقصة،
فسفورية تغشي بصرك ... تشعر ببعض القلق، فتقرر البقاء داخل سيارتك ... يقترب الضوء
بسرعة كبيرة حتى يبلغ سيارتك، تنتظر أن يعبر بجانبها ولكنه لا يفعل، بل يتوقف
فوقها تماما!... لثوان بدت كالدهر، لا تعرف ماذا عليك أن تفعل!؟ ولا تعرف ماهية
تلك الأضواء العابثة التي تتلاعب بك الآن وبأعصابك!؟ عندها تقرر تجاوز مخاوفك،
وتفتح باب السيارة بيد مرتعشة وتحدق نحو الأعلى ... تشهق في فزع عندما تلمح ذلك
الطبق الطائر الذي يحلق فوق سيارتك على أرتفاع خمسة أمتار، وهو يدور حول مركزه
حركة دائرية منتظمة، ويموج بتلك الأضواء الفسفورية المبهرة ... تفكر بأنه ضخم للغاية،
فحجمه كحجم بناية كاملة، كما أن تصميمه الهندسي شديد التعقيد، بالتأكيد هذا شئ من
خارج هذا الكوكب ... فجأة تنفصل كرة من الضوء المشع عن ذلك الطبق، وتتوجه نحوك مباشرة،
ببطء في البداية، ثم تتسارع تدريجيا، فكرة واحدة تسيطر عليك الآن، أنه عليك الهرب
من تلك الكرة التي من الواضح أنها لا تحمل لك خيرا ... تنطلق بسرعة مبتعدا عن الكرة
التي عدلت مسارها لتلاحقك، تقترب منك الكرة، فتحاول مناورتها في يأس، ولكنها تواصل
مطاردتك بإصرار، تلمح مجموعة من الأشجار الوارفة على مقربة، تفكر أنك لو استطعت
الوصول إليها فقد يمكنك الهرب ... تتوجه
ناحية الأشجار ومع كل خطوة تعدوها يتنعش بعض الأمل في باطنك، ولكن سرعان ما ضاعفت الكرة سرعتها، ولحقت بك
قبل وصولك للأشجار بخطوات قليلة، تحاول الإنحناء لتفاديها، فتفشل، وتصطدم الكرة بظهرك،
فتنطلق منك صرخة هائلة مع ذلك الشعور الرهيب، ذلك الشعور الذي بدء كصدمة كهربية
زلزلت كل ذرة في كيانك، ثم تحول إلى شعور بالذوبان، والتشتت، وكأن كيانك ينقسم إلى
مليون كيان منفصل، يحمل كلا منهم إرادة مختلفة، وينطلق في اتجاه مختلف بسرعة
هائلة، سرعة تفوق كل السرعات التي عرفها البشر عبر تاريخهم الطويل، ثم بدأت تلك الآلام،
آلام قوية عنيفة تشعر معها أن خلايا جسدك تتمزق، وبأن عظامك تطحن، ثم توقفت الآلام
مرة واحدة، وحل محلها ذلك الشعور بالراحة، والطمأنينة، وكأن حواسك قد توقفت عن
العمل تماما، وأنت تسبح الآن في عالم صامت، مظلم، وهادئ، ويحمل كل السكينة، الفكرة
التي سيطرت على بالك في تلك اللحظة، فكرة غريبة لا تعرف من أين جاءت إلى عقلك، هل
يشعر الجنين في رحم أمه بمثل هذا الشعور!؟.. ثم أظلم كل شئ!
***
تستيقظ دفعة واحدة
لتجد نفسك داخل غرفة من الزجاج الشفاف الذي يشع بلون أزرق فسفوري، تتحسس جدرانها
فتشعر بها دافئة، ومخملية ... تسحب يدك عفويا، فالملمس لا يتفق مع الشكل، ثم
تعيدها تدريجيا للتأكد من ذلك الملمس العجيب ...
-
جروووووووووووو ....
صوت مفزع يأتي من
خارج الغرفة، فتحدق نحو مصدره عبر الزجاج الشفاف، فتجد في غرفة زجاجية مقابلة
لغرفتك وشبيهة بها، دب بني ضخم، إنه من النوع (الجريزلي)، والدب في حالة غضب شديد
وهياج، يحاول تحطيم الزجاج، الذي بدا صلبا، وقويا، ولا يتأثر بضربات الدب الهائج
... هناك ممر يفصل غرفتك عن غرفة الدب وفي آخره باب معدني أزرق اللون عليه قفل
مضيئ ... لا تحتاج للكثير من الذكاء لتعرف أنك الآن مختطف داخل ذلك الطبق الطائر،
لقد كانت تلك الكرة المشعة وسيلة لصيدك، وقد تكون هي نفسها التي اصطادوا بها ذلك
الدب المسكين، الذي لا يفهم ولا يدرك ما الذي جاء به إلى هنا ... تتمتم بكلمات
مبحوحة، موجها كلامك إلى الدب الذي يأس من اقتحام الغرفة، ووقف في منتصفها يلهث
بجنون، ويحدقك عبر الزجاج في دهشة:
-
إهدء يا صديقي ... فكلانا مختطف، بالتأكيد سنعرف بعد
قليل من هم مختطفونا، وما ينتون أن يفعلوه بنا، ولا اعتقد أنهم ينتون خيرا!
تفكر في جملتك
الأخيرة، وتخاطرك بعض الصور العقلية المرعبة بخصوص المصير الذي ينتظرك، وتفكر أن
الموت قد يكون الخيار الأفضل، بدلا من أن تتحول إلى فأر تجارب، يتم تمزيقه والعبث
بأعضائه ... فجأة ينبعث ذلك الصوت الذي يشبه تفريغ الهواء، فتنظر عبر الممر لترى
ذلك الباب المعدني وهو ينفتح من منتصفه متحولا إلى أربع مستطيلات، ينحسر كل منها
إلى أحد الأركان ... ومن خلال الباب المفتوح، عبر ذلك الكائن، الذي بدا في البداية
كإنسان يرتدي بزة فضائية، قبل أن تنتبه إلى طريقة سيره الغير طبيعية التي تذكرك
بالنعامة، ومفصلا ركبتيه اللذان ينحنيان للخلف كالطيور، وعندما يقترب أكثر، تلاحظ
بوجل، أنه يمتلك أربعة أذرع طويلة ومرنة كأنها بلا مفاصل، يحمل في أحدها جهاز
إلكتروني صغير ... تحاول التعرف على ملامحه بشكل أكثر، ولكنك لا تستطيع، فجسده كله
مخفي تحت تلك البزة التي تغطي أطرافه أيضا، وتلك الخوذة الزجاجية التي تغطي رأسه
ولا تعكس ما تخفيه تحتها ... يتوجه ذلك الكائن نحو الدب، ويقف أمام باب غرفته أولا
لفترة، دون أن يأتي بفعل، ثم بدأ ينقر بأصبع من الثلاثة أصابع في اليد التي في آخر
كل ذراع، والمغطاة بقفاز من نفس نسيج البزة، ينقر بها على الجهاز الإلكتروني الذي
يحمله، وكأنه يدخل بعض البيانات ... بعد عشرة دقائق، وهياج رهيب من الدب، الذي بدا
في حالة رهيبة من الذعر، أو الألم، يتوجه ذلك الكائن نحو جدار غرفتك الزجاجية،
فتتراجع أنت إلى الخلف في قلق، يحدق بك لثوان، قبل أن تشعر بتلك الموجة الذهنية
التي تقتحم عقلك، وتحمل معها السؤال التالي:
-
ما أنت؟
تشعر بالدهشة، وتجيب
بآلية:
-
تقصد من أنت!؟
ينقر الكائن بأصبعه
على الجهاز، قبل أن تشعر بموجة عقلية أخرى تسألك:
-
وهل هناك فارق؟
تفكر للحظات، وتوشك
على أن تشرح له الفارق من الناحية اللغوية، قبل أن تجد نفسك تجيب ببساطة:
-
لا.
يواصل الكائن النقر
على جهازه، قبل أن يسألك بموجة عقليه، أصبحت تعتادها الآن:
-
إذا ... من أنت!؟
تفكر أن تجيب، بأنك
كائن بشري من كوكب الأرض، وقبل أن تهم بقول ذلك، تقاطعك الموجة العقلية الصادرة عن
ذلك الكائن:
-
لا داعي لآن تتحدث بتلك الموجات الطويلة، استطيع أن أسمع
الموجات الدقيقة الصادرة عنك.
تفكر قليلا، ثم تسأله:
-
هل تقرأ أفكاري!؟
يجيب ببساطة:
-
أنا أتحدث معك عبر تلك الموجات العقلية كما تسميها، إنها
أقل ضوضاء وأكثر وضوحا.
يتوقف للحظة، قبل أن
يسأل وهو يشير بأصبعه إلى الدب:
-
هل تستطيع التواصل مع هذا الكائن؟
-
لا إنه دب (جريزلي) وهو كائن بري، بدائي ... هل تستطيع
أنت!؟
تشعر أنه يفكر في عدم
الإجابة، ولكنه يقرر أن يجيب في النهاية:
-
لا إنه كائن من الفئة (ج)، وهي كائنات أقل تطورا ونعجز في
الغالب عن التواصل معها بشكل كامل.
تسأله بسرعة:
-
لماذا أنا هنا!؟
يسجل بعض الأشياء في
جهازه الإلكتروني، قبل أن يجيب بنبضة عقلية تحتوي على كم هائل من المعلومات، نبضه
امتصها عقلك في لحظة واحدة، ففهمت منها الكثير من الأشياء، فهمت منها أن رواد هذا
الطبق الطائر من العلماء الذي يطوفون الكون، يجرون بعض الأبحاث على الكواكب التي
تحتوي على الكائنات التي تحمل أصل عضوي، بحثا عن كائنات من الفئة (أ) و (ب) وهي
الكائنات التي يمكن التواصل معها، والهدف من تلك الأبحاث هو التمهيد لمد جسر
التواصل بين كواكب تلك الكائنات وبين كائنات كوكبهم الأم، ومحاولة إيجاد صيغة
للاستفادة المشتركة من هذا التواصل الكوني ... وتتضمن أبحاثهم تلك، إجراء الدراسات
العلمية الدقيقة، على بعض الكائنات من تلك الكواكب.
تسأله بقلق:
-
ما هي تلك الدراسات!؟ وهل ستتركوني أذهب بعدها!؟
أجاب ببساطة:
-
أجل.
تعود لتسأله مجددا:
-
ولماذا أنا!؟ ولماذا هذا الدب تحديدا!؟
يتأخر رده لفترة، قبل
أن يجيب:
-
اختيار عشوائي، طبقا لإجراءاتنا القياسية، نختار مخلوقين
من فئيتين مختلفتين للدراسة في كل مرة ...
قالها وأخرج شيئا من
بزته، وألقاه نحوك، فعبر الزجاج كأنه صورة (هولوغرافية) ثم سقط على أرض الغرفة، تنظر
إلى ذلك الشئ، فوجدته لوح مربع بحجم كف اليد من مادة غريبة تشبه الحلوى أو
(البسكويت) ... ثم أخرج ستة ألواح أخرى وألقاها في قفص الدب، الذي أخذ يتشممها في
حذر، ثم بدأ في التهامها، تسأله:
-
هل هذا طعام!؟
-
أجل وطبقا لبنيتك الحيوية، فيكيفيك لوح واحد يوميا، أما
هذا الدب فيحتاج لستة على الأقل.
صمت للحظة، قبل أن
يقول، وهو يشير إلى غرفتي:
-
يمكنك أن تصمم غرفتك كما تشاء، فقط فكر...
لم تفهم ما يقصده،
ولكنك عندما بدأت تفكر في شكل آخر للغرفة، سرير، ومقعد، وأريكة، بدأت جدرانها
تتحور لتتخذ نفس الأشكال التي خطرت على بالك، تسأله بحذر:
-
هذا شئ جيد، ولكن متى ستتركوني أرحل!؟
أجاب بسرعة:
-
سنجري عليك بعض الأبحاث قد تستغرق، دورة قمرية كاملة من
قمر كوكبكم ... حينها يمكنك الرحيل.
قالها ورحل عبر الباب
الموجود في نهاية الرواق ... كنت مازلت تشعر بالقلق والخوف، رغم أن اللقاء كان
ناجحا، وإذا صدق معك فستكون أول بشري أجرى لقاء حقيقي مع الكائنات الفضائية، وقد تكون
أنت سفيرهم الأول عندما يقررون التواصل مع كوكب الأرض، ومخلوقاته ... تلتقط لوح الطعام وتبدء في تذوقه بحذر فتجد
طعمه حلوا، فتتناوله فتشعر بالشبع والارتواء، بل والراحة أيضا ... تعيد تشكيل غرفتك،
وتصنع فراشا كبيرا في منتصفها، وتتمدد عليه، تفكر أنه قاسي بعض الشئ فتلين مادته وتطرى
بمجرد أن تراودك تلك الفكرة ...
***
مضت فترة طويلة على
ذلك اليوم، لا تستطيع أن تحددها، قد تكون شهر، أقل من ذلك أو أكثر، خضعت فيها
لعشرات التجارب، أنت وهذا الدب المسكين، تجارب بدنية، وتجارب عقلية، واختبارات
ذهنية، عينات سحبت من كل بوصة مربعة من جسديكما، إجهزة إلكترونية وتقنيات استخدمت
في تلك الاختبارات، ما حسبتها يوما موجودة في هذا الكون ... كان أصعب تلك التجارب
هو ذلك القرص الذي يلصق بجبهتك، فينقلك آنيا إلى عالم تخيلي، عالم افتراضي، تعيش
فيه بكل حواسك وجوارحك وتتفاعل مع ماتقابله هناك، وقد نسيت كل شئ عن ذاتك الأصلية،
وأنت تتجسد كمخلوق من مخلوقات ذلك العالم، كانت تجارب رهيبة بحق بعضها كان مروعا
ومرعبا، وبعضها كان مؤلما، وعندما تنتهي تلك التجربة وتعود إلى ذاتك الأصلية،
تتداخل الذكريات والأفكار، بل والمستقبلات العصبية، والاستجابات العضلية، وتظل
كذلك على تلك الحالة المتداخلة المجنونة لدقائق حتى تنحسر عنك تلك المشاعر
والذكريات، وتترك خائرا، منهارا، كأن شاحنة كبيرة قد دهست جسدك ... كنت ناجحا في
معظم التجارب، وكان عقلك راقيا ومتطورا كما أخبرك الكائن الفضائي، على عكس
الدب(الجريزلي) الذي فشل في بعض الاختبارات، ورفض تقبل بعضها، بل وحطم الأجهزة
التي كانت تستخدم في كثير من الأحيان ... ستخبر الكائن الفضائي، مجددا أنه كائن
بري متوحش لا يعرف غير فطرة الافتراس، وسيخبرك أنه يفهم ذلك، ولكن تلك الاختبارات
ضرورية ويجب استكمالها حتى النهاية... ستستمر تلك الاختبارات وستتحملها حتى آخرها،
وحتى يأتي ذلك اليوم الذي يخبرك فيه
الكائن الفضائي بأن الاختبارات قد انتهت وأنه عليك أن تستعد للعودة إلى سطح كوكبك
... ستفرح، وتقفز، وترقص في جنون، وستطلب من الكائن الفضائي أن يخبرك اسمه ويريك
وجهه المختفي أسفل الخوذة الفضائية، فيخبرك أن اسمه هو:
-
(ز س س&39 $#$82 و ن %$% ع ل م !!@# ه ي ** ث م ^^ %)...
فتجيبه بفم مفتوح على
آخره من الدهشة:
-
أنا آسف على السؤال!!!
وسيستجيب لطلبك يخلع
خوذته، ويكشف عن ملامحه لك، حينها ستشعر بالندم على طلبك وأنت تحدق بفزع في وجهه
القبيح، المرعب، كوجه شيطان مريد، ولكنك ستتجاوز ذلك بسرعه ... سيقرأ هو مشاعرك
تلك، ويخبرك أن هذا كان هو الاختبار الأخير والدرس الأول في التواصل بين الكائنات
من الأكوان المختلفة، والتي قد تجد الجمال في مقاييسها قبحا لدى الآخريين ... بعدها
سيخبرك أنك سترحل الآن ... عندها ستتألق جدران الغرفة وتنبض بألوان متراقصة،
فسفورية، وتنفصل منها كرة مشعة وتتوجه نحوك ... في تلك المرة لن تهرب منها، وستتقبل
اصطدامها بصدرك، وستتقبل المشاعر التي تلي ذلك، والتي جربتها من قبل، الصدمة
الكهربائية، التشتت والذوبان، الآلام، والسكينة، ثم يظلم كل شئ ...
هواء الليل البارد
يلفح وجهك فتستيقظ، تطالع عيناك القمر والنجوم في سماء الليل، تنحني وتلتقط حفنة
من الأعشاب وأديم الأرض، وتشمها في رضا، وأنت تصرخ بفرح:
-
لقد عدت ... هذا كوكبي وأنا أعرفه جيدا.
تتوقف لحظة، ثم
تتساءل، بعد أن لاحظت أنك لا تعرف المكان الذي أنت فيه الآن على سطح كوكب الأرض،
والذي لا يبدو طقسه، ولا بيئته الطبيعية كطقس ولا بيئة وطنك :
-
ولكن أين أنا الآن!؟ لماذا لم يعيدوني إلى المكان الذي
اختطفوني فيه!؟
حينها سيأتيك ذلك
الصوت من وراء ظهرك:
-
جروووووووووووو ....
فتلفت للخلف في ذعر،
فترى ذلك الدب (الجريزلي) الذي يقترب منك وعلى وجهه نظرات متوحشة، وهو يزمجر في
غضب، واهتياج ... أنت تعرف ذلك الدب جيدا، فقد كان شريكك في تجربتك الفضائية، لقد
حرره الفضائيون معك وفي نفس المكان، لماذا لم يعيدوه هو أيضا إلى بيئته
الطبيعية!؟، هل كان الفضائيون منشغلين لتلك الدرجة، حتى يلقوا بنا على أول ناصية
وبتلك الطريقة ... تحدق برعب في ذلك الدب الغاضب، المهتاج، الذي قضى شهرا يتناول
ألواح من (البسكويت)، وهو الآن جائع وبشدة، ويقترب منك وهو ينتوي شرا ... تتلفت
حولك بحثا عن أي وسيلة للنجاه، فلا تجد، أنت في مرج متسع يمتد لعشرات (الهكتارات)،
لا يوجد مكان يمكن أن تتقي فيه من هذا الوحش ... تتراجع للخلف، وتفكر في العدو،
ولكن الخوف يعجزك عن ذلك، تحدق نحو السماء، وتشيح بيدك بغضب، في نفس اللحظة التي
يهجم فيها الدب عليك بوحشية، ويعلو صوت الافتراس والتمزيق، وتتطاير الدماء
والأشلاء ... قد تكون آخر فكرة فكرت فيها وأنت بين براثن الدب الجائع:
-
لستم أذكياء أيها الفضائيون ... بل أنتم أغبياء ...
أغبياء حقا ...
.. (تمت) ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق