قصة بعنوان #لاريــــن #الجزء_#الأول
نام على الأريكة الجلدية مكانه المفضل في غرفة مكتبه، وأنكب يراجع قضايا موُكِليه، تلك هي طريقته المفضلة التي تضمن له النجاح، مد يده اليسرى يتحسس المنضدة الرخامية حتى وجدها، أنها علبة السجائر ... لكن لسوء الحظ أنها فارغه ألقاها في صندوق القمامة البعيد الموجود في ركن الغرفة فأصاب الهدف , فصرخ أجل , قام و مد يده باتجاه المكتب لياخذ علبة الطوارئ التي يحتفظ بها لمثل تلك الحالات أخرج منها السيجارة المنشودة و بدأ يدخن، فالمحامي "منير" شخصيه فريده ومميزه يفكر كثيراً ولديه دائما خطه بديله حاضرة في مخيلته لكل المواقف , ماعدا ابتعاد زوجته "مها" عنه أخير تزوجها بعد قصة حب طويله مليئة بالأحداث الشيقة يعتمد عليها في كل أمور حياته فهي تنظم له كل شيء ، دخلت عليه زوجته "مها" فعلم أنها الساعة الرابعة و النصف بالتمام فقد طلب منها أن تنبه ليستعد للقاء السمسار العقاري الذي ساعده في شراء هذا القصر من مالكه السابق عالم النباتات المشهور.
نادى على الخادمة لتعد له فنجان من القهوة ثم نظر نحو زوجته فوجدها مشوشه حائرة على غير العادة.
- ما الأمر يا عزيزتي؟ من الذي يشغل تفكيرك؟ ما الذي يقلقك؟
- أنها "تسنيم" .... أصبحت الأمور تتطور معها بشكل مقلق، وتقضى معظم الوقت في اللعب لوحدها، تتحدث مع نفسها، وكلما سألتها مع من كنتي تتحدثين؟، تخبرني مع صديقتها "لارين".
- كل هذا طبيعي يا عزيزتي، فالأطفال في السادسة من العمر كثيراً ما يكون لهم أصدقاء خيالين ينسونهم حين يكبرون، لا داعي للقلق فالأمر طبيعي.
- لم تكن هكذا حتى انتقلنا الى هنا، فقد كان فراق أصدقائها وزملاء الدراسة صعب عليها، وما ذاد الامر سوء هو عدم عثورها على أي أصدقاء في نفس عمرها في هذا المكان.
أشعر أننا أخطأنا عندما انتقلنا الى هنا.
- أنت تبالغين في القلق قليلاً فـ"تسنيم" سعيدة بالقصر والحديقة الكبيرة المحيطة به أكثر من سعادتنا به.
أنها طفلة هادئة ورقيقه، خجولة للغاية. صارت تميل أكثر للانطوائية بعد وفات والدها منذ عامين وخصوصا أنها كانت شديدة التعلق به من الماضي.
أنت من طلبتي مني أن ننتقل من منزلكم حتى نساعد تسنيم على تجاوز مأساة موت والدها، فكل شيء هناك كان يذكرها به .... حتى أنها أخبرتك في ذات مره أنها تراه يتحرك في المنزل ويحدثها.
صحيح أني لست والدها لكني أحبها كما لو كانت أبنتي وأهتم لأمرها كثيراً وأعدك يا حبيبتي أني سأتحدث معها وسأحاول أن أجد حل لتلك المشكلة.
أحضرت الخادمة فنجان القهوة ووضعتها على المكتب وأخبرته أن السمسار قد جاء.
خرج منير من باب القصر في عصر اليوم التالي وأخذ يسير في الحديقة الشاسعة يتأمل في جمال النباتات، كانت أجمل حدائق هذا الحي السكني الراقي، فقد كان لصاحب القصر السابق ذوقاً خاصاً حتى جلب العديد من أنواع النباتات المميزة والنادرة مش شتى أنحاء العالم.
كان أجمل وأغرب وأعجب ما كن في تلك الحديقة هي شجرة البلوط الضخمة المزروعة خلف بيت النباتات الزجاجي، فلهذه الشجرة جزع في غاية الضخم والعديد فروع سميكة تمتد مته في كل الاتجاهات في قطر يعادل ملعب تنس. ويوجد حولها العديد من الأشجار الأخرى تعمل على حجب ضوء الشمس الساقط، تشعرك أنك في غابة سحرية من التي تعيش فيها الكائنات الخيالية في القصص.
ظل "منير" يتأمل الشجرة وتجويفها العجيبة تخيل أن تلك التجاويف بالشجرة في موطنها الأصلي تعشش الطيور في تلك وبالتأكيد تدب الحياة حولها، وتبعث على البهجة، لا يدري لماذا قد أشفق على تلك الشجرة وما أل اليه حالها بعد أن ابتعدت عن موطنها وصارت وحيده في ذلك المكان.
ذكرته تلك الشجرة بأبنة زوجته "تسنيم" فقد صارت الأن وحيده مثل تلك الشجرة فقرر أن يحل مشكلتهما بأن يبني لتسنيم منزل شجري على فروع تلك الشجرة لتلعب وتتسلي وتؤنس وحدة تلك الشجرة.
لا يدري "منير" كيف مر الوقت بهذه لسرعه بدأ الظلام يحل، فجأة صار الجو العم للمكان غير مريح وشعر كما لو كان أحدهم يراقبه، بدأت القشعريرة تدب فيه فقرر الرحيل، لكن أنتبه لأمر .... هناك عينان حمراء لا معتنان تحدقان به من داخل أحد هذه التجاويف في الشجرة.
لم يقف "منير" ليتبين الأمر لكنه أسرع في سيره وهو عائد نحو القصر، لكن هناك أحد ينادي ويقول
"لابد ...أن أخرج"
تكرر الصوت عدة مرات وفي كل مره يقترب منه مصدر الصوت أكثر، بدأ "منير" بالركض لكنه لم ينتبه لذلك الجزع الموضوع على الأرض فتعثر به وسقط، ليجد أحد ما أمسكه بقوة من يديه، تدفق الأدرينالين في دمه بقوة حتى أعجزه عن اتخاذ رد فعل مناسب لكنه هدأ عندما سمع هذا الصوت الملائكي العذب:
"أنت بخير يا عمو"
أحتاج لبعض الوقت حتى يتفهم الأمر ويستعيد قدرته على الكلام.
- ماذا تفعلين يا "تسنيم" في هذا المكان؟ لقد أخفتني كثيراً.
- أعتذر لك يا عمو لم أكن أقصد أن أخيفك لكنني كنت ألعب في هذا المكان مع صديقتي الجديدة "لاريـن" ثم رأيناك وأنت تمشي مسرعاً نحو المنزل فجرينا ورائك.
- لكن لا أحد موجود معنا هنا سواي أنا وأنت يا تسنيم.... من هي "لارين" هذه؟!!!
- لقد رحلت الآن لكنها تعيش معنا في هذا المكان، أحب اللعب معها رغم أنها أكبر مني سنناً، لكنها حزينة للغاية وتريد من يساعدها.
- أسمها مميز لابد أنها إحدى شخصيات الرسوم المتحركة التي تتابعينها، سنترك "لارين" هنا على العموم لقد قررت أن أصنع لكي بنفسي مفاجئة، أريدك أن تخرجي معي في الغد حتى نجلب العدد والأدوات الازمه لعمل تلك المفاجئة.
بعد منتصف الليل والجميع نيام، ازدادت برودة الجو وبدأ الضباب يهبط على أرض حديقة القصر، هبت "مها" من نومها فجأة ... فقد رأت كابوسا مخيفاً.
شعرت بقلق غريزي على أبنتها "تسنيم" فقامت لتتفقدها في غرفتها فلم تجدها في فراشها، على الفور أيقظت "منير" والخدم ليبحثوا عنها في القصر لكنهم لم يجدوها.
خرج منير من القصر ليبحث عنها فوجدوها تسير في الحديقة نادي عليها لكنها لم تجبه فأسرع نحوها فلما استدارت لتنظر له، أصابته الرهبة من هول ما رأى.
العينان الامعتان نفسهما يحدقان له....
نهاية الجزء ويتبع في الجزء التالي.
#قصص_منصف_عرابي
قصة رائعة
ردحذف